[ القول في شهادة الزنا ] .  
مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " ويجوز  شهادة ولد الزنا   في الزنا " .  
قال  الماوردي      : وهذا صحيح ، لأن الأنساب ليست من شروط العدالة ، فتقبل شهادة ولد الزنا إذا كان عدلا في الزنى وغير الزنى .  
وقال  مالك   رضي الله عنه : لا أقبل شهادته في الزنى وأقبلها في غير الزنى ، وقال غيره من فقهاء  المدينة      : لا أقبل شهادته بحال .  
استدلالا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "  ولد الزنى شر الثلاثة     " .  
وبما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "  لا يدخل الجنة ولد زنية     " .  
وإذا كان شرا من الزاني ومدفوعا من الجنة ، كان من أهل الكبائر ، فلم تقبل شهادته .  
وهذا قول فاسد ، لأن الله تعالى لا يؤاخذ أحدا بذنب غيره وهو تعالى يقول :  
ولا تزر وازرة وزر أخرى      [ الأنعام : 164 ] . فلم يجز أن يؤاخذ ولد الزاني بذنب أبويه ، لأنه ظلم ، والله تعالى منزه عن الظلم ، وهو تعالى يقول :  ولا يظلم ربك أحدا      [ الكهف : 49 ] . ولأن عار النسب ربما منعه من ارتكاب العار ، لئلا يصير جامعا بين عارين ، فصار مزجورا بمعرة نسبه عن معرة كذبه ، فلم يمنع من قبول الشهادة مع ظهور عدالته .  
 [ ص: 211 ] وأما الخبر الأول وهو "  ولد الزنا شر الثلاثة     " فهو من مناكير الأخبار ، وما رواه إلا مضعوف ، غير مقبول الحديث ، ونص القرآن يمنع منه ، ولو سلمت الرواية لكان لاستعماله وجوها :  
أحدها : أنه شر الثلاثة نسبا .  
والثاني : شر الثلاثة إذا كان زانيا .  
والثالث : أنه كان واحدا من ثلاثة ، فأشير إليه أنه شرهم ، فكان ذلك للزنى تعريفا لا تعليلا .  
والرابع : ما ذكر أن  أبا عزة الجمحي   كان يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقدح فيه بالعظائم ، فذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم ما يقوله ، وقيل له : إنه ولد زنية ، فقال عليه السلام : "  ولد الزنى شر الثلاثة     " يعني به  أبا عزة      .  
وأما الخبر الثاني : فهو أوهى من الأول ، وأضعف وأبعد أن يكون له في الاحتمال وجه ، لأنه لا يجوز أن يحبط طاعته معصية غيره ، والكفر أعظم من الزنى ، ولا يحبط عمل المؤمن بكفر أبويه ، فكان أولى أن لا يحبط عمله بزنى والديه والله أعلم .  
				
						
						
