فصل : والفصل الثاني : . ما تجوز فيه الشهادة على الشهادة
وهو معتبر بالحق المشهود فيه وهو ضربان :
أحدهما : ما كان من حقوق الآدميين .
والثاني : ما كان من حقوق الله تعالى .
فأما فتجوز فيها الإشهاد على الشهادة ، سواء كان مما لا يثبت [ ص: 221 ] بشاهدين كالنكاح ، والطلاق ، والعتق ، والنسب ، والقصاص ، والقذف ، أو كان يثبت بشاهد وامرأتين كالأموال ، أو كان يثبت بالنساء منفردات كالولادة وعيوب النساء . حقوق الآدميين
وقال أبو حنيفة : لا تجوز الشهادة على الشهادة فيما يسقط بالشبهة كحد القذف والقصاص ، ويجوز فيما عداه من حقوق الآدميين المحضة .
وبه قال بعض أصحاب الشافعي استدلالا بأن ما سقط بالشبهة كان محمولا على التخفيف ، والشهادة على الشهادة تغليظ فتنافيا .
وهذا فاسد ، لأن حقوق الآدميين موضوعة على التغليظ وفيما عدا الأموال التي يجوز أن يستباح بالإباحة ، فلما صحت الشهادة على الشهادة في الأموال التي هي أخف ، كان جوازها في المغلظ أحق .
وأما حقوق الله تعالى المحضة ، كحد الزنا ، وشرب الخمر ، والقطع في السرقة ، ففي جواز الشهادة فيها على الشهادة قولان منصوصان :
أحدهما : تجوز الشهادة فيها على الشهادة ، وتثبت بشهود الفرع كثبوتها بشهود الأصل ، اعتبارا بحقوق الآدميين ، لأن حقوق الله تعالى التي لا تسقط بالعفو أحق بالاستيفاء مما يجوز أن يسقط بالعفو .
والقول الثاني : وبه قال أبو حنيفة أنه لا تجوز فيها الشهادة على الشهادة ، ولا تثبت إلا بشهود الأصل دون شهود الفرع ، لأنها موضوعة على سترها وكتمانها ودرئها بالشبهات ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " " . ادرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم
وقوله عليه السلام : " " . من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله
فكانت لأجل ذلك منافية لتأكيدها بالشهادة على الشهادة .
وكذلك القول في كتاب القاضي إلى القاضي ، كالقول في الشهادة على الشهادة .
تجوز في حقوق الآدميين ، وفي جوازها في حقوق الله تعالى قولان .