فصل : وأما الفصل الثالث : في . ذكر الشهود مكان الزنا
فهو شرط في الشهادة على الزنا على ما ذكره أصحابنا وإن لم يكن شرطا في الإقرار بالزنا ، فيجب على الحاكم أن يسألهم عنه ، لأنهم قد يتفقون على زناه في مكان واحد فيجب عليه الحد ، وقد يختلفون في المكان فلا يجب عليه الحد ، فلذلك وجب سؤالهم عن مكان الزنا فإن اتفقوا عليه حد المشهود عليه ، وإن اختلفوا فاختلافهم على ضربين :
أحدهما : أن يكون اختلافهم في بيتين فيقول بعضهم : زنى في هذا البيت ويقول آخرون : زنى في البيت الآخر ، فلا حد على المشهود عليه ، وفي حد الشهود قولان :
والضرب الثاني : أن يختلفوا في زاوية البيت فيقول بعضهم : زنى بها في هذه الزاوية من هذا البيت ، ويقول آخرون : زنى بها في الزاوية الأخرى من هذا البيت . فعند أبي حنيفة يجب عليهما الحد استحسانا لا قياسا ، لأنهما قد يتعاركان فينتقلان بالزحف من زاوية إلى أخرى .
ولا حد عليه على مذهب الشافعي لعدم الاتفاق على المكان كالبيتين ، ولا وجه لهذا ، لأن الحدود تدرأ بالشبهات ولا يحد بها .
وعلى قياس سؤالهم عن مكان الزنا ، يجب سؤالهم عن زمان الزنا ، لأن اختلاف الزمان كاختلاف المكان في وجوب الحد إن اتفق وسقوطه إن اختلف .
وليس إطلاق هذا القول عندي صحيحا ، والواجب أن ينظر : فإن صرح بعض الشهود بذكر المكان والزمان ، وجب سؤال الباقين عنه ، وإن لم يصرح بعضهم به لم يسألوا عنه ؟ لأنه لو وجب سؤالهم عن المكان والزمان إذا لم يذكروه ، لوجب سؤالهم عن ثيابه وثيابها ، وعن لون المزني بها من سواد أو بياض ، وعن سنها من صغيرة أو كبيرة ، وعن قدها من طول أو قصر ، لأن اختلافهم فيه موجب لاختلاف الشهادة ، فيتناهى إلى ما لا يحصى ، وهذا غير معتبر في السؤال ، وكذلك في الزمان والمكان ، إلا
[ ص: 241 ] أن يبتدئ بعض الشهود بذكره ، فيسأل الباقون عنه ليعلم ما هم عليه من موافقة واختلاف .