[ القول في صيرورة الشهود ورثة ] .
فصل : ولو ، ردت الشهادة لأنهما قد صارا شاهدين لأنفسهما عند الحكم بها ولا يجوز أن يحكم للإنسان بشهادة لنفسه . شهد العدلان ثم مات المشهود له ، فورثه الشاهدان قبل الحكم بشهادتهما
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن ، لم نرده لأني إنما أنظر يوم يقطع الحاكم بشهادته " . حكم بها وهو عدل ثم تغيرت حاله بعد الحكم
قال الماوردي : وحدوث فسقهما بعد نفوذ الحكم بشهادتهما على ضربين :
أحدهما : أن يحدث الفسق بعد استيفاء الحق ، فلا يجوز نقض الحكم بشهادتهما سواء كان في حقوق لله تعالى أو الآدميين ، وبخلاف حدوث الفسق قبل الحكم ، لوقوع الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن الشك والاحتمال موجود في الحالين ، فلما لم يجز أن يثبت الحكم بالشك ، لم يجز أن ينقض حكمه بالشك والاحتمال ، فيكون المعنى الذي منع من الحكم بشهادتهما هو المانع من نقض الحكم النافذ بشهادتهما .
والثاني : إن تغير الحال قبل نفوذ الحكم مخالف لتغيرها بعد نفوذ الحكم . لأن الحاكم إذا اجتهد رأيه في الحكم ، فأداه اجتهاده إلى حكم ثم بان أن الحق في غيره ، نقضه قبل نفوذ حكمه ، ولم ينقضه بعد نفوذ حكمه ، فأوجب هذا الفرق في تغير الاجتهاد قبل نفوذ الحكم وبعده ، وقوع . الفرق في الفسق بحدوثه قبل نفوذ الحكم وبعده
فهذا حكم أحد الضربين في حدوث الفسق بعد استيفاء الحق أنه محمول على عموم إمضائه في جميع الحقوق .
[ ص: 252 ] والضرب الثاني : أن يحدث الفسق بعد نفوذ الحكم وقبل استيفاء الحق ، فهذا على ثلاثة أضرب :
أحدهما : أن يكون الحق مالا أو في معنى المال ، فيجب استيفاؤه بعد الفسق لنفوذ الحكم قبل الفسق تعليلا بالمعنيين المتقدمين .
والضرب الثاني : أن يكون الحق حدا وجب لله خاصة ، كحد الزنا وجلد الخمر وقطع السرقة ، مما يدرأ بالشبهة ، فيسقط بحدوث الفسق ولا يستوفى لأن حدوثه شبهة .
والضرب الثالث : أن يكون حدا قد وجب للآدمي كالقصاص وحد القذف ، ففي سقوطه بحدوث الفسق قبل استيفائه وجهان :
أحدهما : يسقط لكونه حدا يدرأ بالشبهة .
والوجه الثاني : لا يسقط لأنه من حقوق الآدميين كالأموال .