فصل : فأما المزني فإنه اختار أن يكون فإن حكم بتبدئة المدعي لوجود اللوث ، غلظت الأيمان بالعدد وإن سقطت التبدئة بيمين المدعي سقطت عدد الأيمان ، ثم ذكر عدد الأيمان معتبرا بالتبدئة المزني في كلامه مسألة حكاها عن الشافعي في الإملاء ، فقال : " " يريد به أن المقتول إذا قال قبل موته ، قتلني فلان ، فلا قسامة لوارثه ، يعني أنه لا يبدأ بيمينه ولا يجعل ذلك لوثا له ، ردا على ولا قسامة ، بدعوى ميت مالك حيث جعله لوثا وقد مضى الكلام فيه .
فأما عدد الأيمان فيه ، فيكون على القولين في عددها ، مع عدم اللوث ، فلم يكن للمزني في إيرادها دليل على ما اختاره ، من سقوط العدد .
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " والدعوى في الكفالة بالنفس والنكول ورد اليمين كهي في المال ، إلا أن الكفالة بالنفس ضعيفة " .
قال الماوردي : وهذه المسألة في ، قد مضت في كتاب الضمان مستوفاة ، وأعادها كفالة النفوس المزني هاهنا لأمرين :
أحدهما : بصحة الدعوى بصحتها ، وفساد دعواها بفسادها .
والثاني : لوجوب اليمين في إنكارها إذا صحت ، والذي نص عليه الشافعي في كتاب الضمان ، أن كفالة النفوس صحيحة وهو قول جمهور الفقهاء ، لقول الله تعالى في قصة يوسف ، عليه السلام : قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به [ يوسف : 66 ] . يعني كفيلا بنفسه ، ولأنه قد عمل بها الصدر الأول ، ولأن فيها رفقا بالناس ، وتعاونا على الصيانة .
ثم قال الشافعي هاهنا : " إلا أن الكفالة في النفس ضعيفة " .
فاختلف أصحابنا في مراده بضعفها ، فقال بعضهم : أراد به بطلانها .
[ ص: 317 ] فخرجوا هذا قولا ثانيا ، في إبطالها لأنه لم يكفل بمال في الذمة ، ولا بعين مضمونة ، يجب غرم قيمتها .
وقال آخرون منهم : لم يرد بالضعف إبطالها ، وإنما أراد ضعفها في قياس الأصول ، وإن صحت بالآثار والعمل المتفق عليه .
فأما إذا كانت : فإن منع منها في حقوق الآدميين على التخريج الذي ذهب إليه بعض أصحابنا كانت في حقوق الله تعالى أمنع لإدرائها بالشبهات . الكفالة بالنفس في حقوق الله تعالى
وإن أجيزت في حقوق الآدميين على الظاهر المشهود ، من المذهب ففي جوازها في حقوق الله تعالى قولان :
أحدها : لا تجوز تعليلا بما ذكرنا .
والقول الثاني : تجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " " . قدر الله أحق أن يقضى