فصل : وإذا ، لم يحكم له بملك الجارية ، لأنه قد يجوز أن يكون باعها فولدت بعد ثم عاد فابتاعها ، أو يكون قد باعها فولدت عند مشتريها ، ثم أفلس بها ، فارتجعها البائع دون ولدها ، فلذلك لم تقم البينة بملكها ، ولو شهدوا أنها بنت أمته ، أخذها هذا من يده كانت شهادة له باليد ، دون الملك فيحكم له برد الجارية عليه يدا لا ملكا . شهدوا أن هذه الجارية بنت أمته ، ولدتها بعد ملكه ، ولم يقولوا ولدتها في ملكه
ولو شهدوا أنها بنت أمته ، وكانت أمس في يده ، فمذهب الشافعي المشهور من قوله : أنه لا يحكم له باليد إذا شهدوا له بيد متقدمة ، وإن حكم له بالملك إذا شهدوا له بملك متقدم على أحد القولين ، وكان البويطي ، وابن سريج ، يجمعان بين الشهادة بقديم اليد ، وقديم الملك ، في الحكم بهما على أحد القولين ، وقد ذكرنا من فرق من أصحابنا بين قديم اليد ، وقديم الملك ، ما يمنع من الجمع بينهما .
وفرع ابن سريج على الجمع بين قديم اليد ، وقديم الملك في الحكم بهما على أحد القولين ، أن يتنازعا الجارية فيقر صاحب اليد أنها كانت في يد مدعيها أمس .
قال ابن سريج إن قيل بأن قيام البينة بأنها كانت بيده أمس يوجب الحكم لها باليد ، فإقرار صاحب اليد أولى بالحكم .
وإن قيل : إن قيام البينة لا يوجب الحكم له باليد ، ففي إقرار صاحب اليد به وجهان :
أحدهما : أن إقراره لا يوجب الحكم به كما لا يجب بالبينة ، لاستوائهما في ثبوت الحكم بهما .
والوجه الثاني : أننا نحكم على صاحب اليد بإقراره ، وإن لم يحكم عليه بالبينة .
وتنقل اليد إلى المدعي بالإقرار ، وإن لم تنقل إليه بالبينة ، لتقدم الإقرار على البينة المكذبة له فأما إن أقر صاحب اليد أن المدعي كان مالكا لها بالأمس ، حكم له بالملك قولا واحدا ، وإن كان الحكم بالبينة على قولين ، لقوة الإقرار على البينة ، ويكون الإقرار بالملك أقوى من الإقرار باليد .