مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإذا أدى الموسر قيمته كان له ولاؤه " .
[ ص: 21 ] قال الماوردي : إنما يريد بيسار المعتق أن يكون مالكا لقدر قيمة الباقي من رقه ، وليس عليه فيه حق لغيره ، فاضلة عن قوته وقوت عياله في يومه وليلته ، وسواء صار بعد دفع القيمة فقيرا أو كان غنيا .
فإذا تحرر عتق باقيه بدفع القيمة على الأقاويل كلها ، وكان له ولاء جميعه بعتق المباشرة وعتق السراية واستحقاق الولاء بهما على سواء ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم " والولاء لمن أعتق " ، وهو معتق بالمباشرة والسراية ، وسواء تماثل العتقان ، أو تفاضلا ، وأنه يسري عتق اليسير إلى الكثير كما يسري عتق الكثير إلى اليسير ، واعتبار يساره وإعساره وقت العتق .
فلو كان موسرا وقت العتق معسرا وقت التقويم فإن قيل : إن العتق يسري باللفظ لم يؤثر فيه حدوث اعتباره ، وكانت القيمة دينا عليه يؤخذ بها إذا أيسر . وإن قيل : إنه لا يعتق إلا بدفع القيمة ، فما لم يحاكمه الشريك فيها ، كانت حصته على وقفها ، وإن حاكمه فيها وطلب القيمة ، أو فسخ الوقف ليتصرف في حصته ، كشف عن حال المعتق ، فإذا ثبت عنده إعساره حكم بفسخ الوقف كما يحكم للزوجة بفسخ النكاح إذا أعسر الزوج وجاز للشريك أن يتصرف في حصته بما شاء من بيع أو غيره . ولو كان موسرا ببعض الحصة معسرا ببعضها ، عتق عليه من الحصة قدر ما أيسر بقيمته ، وكان فيما أعسر به منها في حكم المعسر .