فصل : فقد قال فإذا تبعضت في العبد الحرية والرق بإعسار معتقه الشافعي : " يخدم سيده يوما ويترك لنفسه يوما فما اكتسب فيه فهو له " ، فأجرى عليه حكم المهايأة .
فاختلف أصحابنا فيها على ثلاثة أوجه :
أحدها : أن المهايأة كانت متقدمة بين الشريكين ، فلما أعتق أحدهما حصته أجري العبد بعد العتق لبعضه عليها ولو لم يكن بين الشريكين فيها مهايأة لم يجز أن يستأنفها بعد العتق مع الشريك الباقي لنقصان تصرفه .
والوجه الثاني : يجوز أن يقيم على المهايأة المتقدمة ، ويجوز أن يستأنفها مع الشريك الثاني ؛ لأن تصرفه بالحرية كامل في حقه من الكسب .
والوجه الثالث : إن كان له كسب مألوف بصناعة معروفة يتماثل فيها كسب أيامه كلها جاز أن يستأنفها مع الشريك ، وإن لم يكن له كسب مألوف ، لم يجز أن يستأنفها معه وإن جاز ذلك للشريكين في الحالين ؛ لأنهما قد يعدلان عند عدم الكسب إلى الاستخدام ، وليس العبد كذلك في حق نفسه عند تعذر كسبه .
[ ص: 23 ] فإذا صحت المهايأة على ما ذكرناه من الوجوه الثلاثة فهي من العقود الجائزة دون اللازمة ، ولكل واحد منهما فسخها متى شاء ، وإذا كانا مقيمين عليها ، يوما للعبد ، ويوما للسيد ، دخل فيها مألوف الكسب ، ومألوف النفقة ، فاختص العبد بما كسبه في يومه ، ويحمل فيه ما لزمه من نفقته ، واختص السيد في يومه بما كسب العبد ، ويحمل فيه ما لزمه من نفقته .
فأما غير المألوف من الكسب ، كالكنز واللقطة ، وغير المألوف من النفقة ، كزكاة الفطر ، ففي دخولها في المهايأة وجهان :
أحدهما : وهو الظاهر من مذهب الشافعي ، وقول أبي سعيد الإصطخري أنهما داخلان في المهايأة ، كالمألوف منها ، فإن كانا في يوم العبد اختص بالكنز ، واللقطة ، وتحمل زكاة الفطر وإن كانا في يوم السيد اختص بذلك دون العبد .
والوجه الثاني : وهو محكي عن أبي إسحاق المروزي ، أنهما لا يدخلان في المهايأة لأنه قد يكون هذا في زمان أحدهما دون الآخر ، فلا يتساويان فيه ، ويكون حدوث ذلك في زمان أحدهما ، موجبا لأن يكون بينهما ، وإن كان ما عداهما من المألوف جاريا على المهايأة .