مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : ( وإن مات وله وارث ورثه بقدر ولائه فإن مات له مورث لم يرث منه شيئا ( قال المزني ) القياس أن يرث من حيث يورثون وقد قال الشافعي إن الناس يرثون من حيث يورثون وهذا وذاك في القياس سواء " .
قال الماوردي : وهذه المسألة وهما فصلان : فيمن عتق بعضه ، ورق بعضه ، هل يرث ويورث ؟
أحدهما : هل يرث إذا مات له موروث ، أم لا ؟ . وفيه بين الصحابة رضي الله عنهم خلاف محكي عن ابن عباس أنه يرث كالحر ميراثا كاملا ، وبه قال أبو يوسف ، ومحمد ، وحكي عن علي عليه السلام أنه يرث بقدر ما فيه من الحرية ، ويحجب بقدر ما فيه من الرق ، وبه قال المزني ، وعثمان البتي ، وذهب بقية الصحابة ، وجمهور التابعين والفقهاء إلى أنه لا يرث إذا كان فيه جزء من الرق وإن قل ؛ لأنه لما جرت عليه أحكام الرق فيما سوى الميراث ، من نكاحه وطلاقه ، وولايته ، وشهادته ، جرت عليه أحكام الرق في ميراثه ، ولأن فإذا لم يزل الرق لم يزل مانع الميراث . قال الرق مانع من الميراث ، المزني : " القياس أن يرث من حيث يورث " .
قيل قد يورث من لا يرث ، والعمة تورث ولا ترث ، [ ص: 24 ] والجدة أم الأم ، ترث ولا تورث ، فلم يكن هذا قياسا مستمرا في غير المعتق بعضه ، فلم يلزم في المعتق بعضه . كالجنين يورث ولا يرث ،
فإن قيل : فقد قال الشافعي : " الناس يرثون من حيث يورثون " ، قيل له : لم يقله الشافعي تعليلا عاما ، فيجعله قياسا مستمرا ، وإنما قاله ردا على من ألحق الولد بماء أبيه ولم يورث كل واحد منهم ميراث أب ، وورث الولد من كل واحد منهم ، ميراث ابن ، فقال : الناس يرثون من حيث يورثون ؛ لأنه كمثل النسب ، ولم يكمل الميراث فتوجه الرد به للشافعي ، ولم يتوجه الرد به للمزني .