مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فالقول قول الغارم " . ولو قال هو خباز وقال الغارم ليس كذلك
قال الماوردي : وصورتها : أن يجب على المعتق قيمة حصة شريكه فيدعي الشريك أن العبد كان صانعا خبازا ، أو نجارا ، أو كاتبا فله القيمة الزائدة بصنعته ، ويقول المحقق هو غيـر صانع فلك القيمة من غير زيادة بصنعته ، فللعبد حالتان : حي وميت .
فإن كان ميتا فقد قال الشافعي : القول قول المعتق الغارم فاختلف أصحابنا فيه على طريقين .
إحداهما : أنه على قولين ؛ لأنه اختلاف في قدر القيمة ، فكان على القولين الماضيين ، وإنما نص الشافعي على أحدهما .
والطريقة الثانية : أن القول فيه قول المعتق الغارم قولا واحدا لأن الشريك يدعي حدوث صنعة ليست في الخلقة ، والأصل أن ليست فيه هذه الصنعة ، فكان القول فيه قول منكرها دون مدعيها ، وإن كان العبد حيا يمكن اختبار حاله اختبرت فيه تلك الصنعة فإن كان لا يحسنها ردت دعوى الشريك فيها ولا يمين له على المعتق ، ولا تلزمه إلا قيمته غير صانع ، فإن قال الشريك قد كان يحسن الصنعة ، وقت العتق لكنه نسيها بعلة ، فإن كان زمان العتق قريبا ، . لا تنسى الصنعة في مثله لم نسمع منه هذه الدعوى ، وإن تطاول وجاز أن تنسى تلك الصنعة في مثله سمعت منه وأحلف عليها المعتق ، ولم يلزمه إلا قيمته غير صانع .
[ ص: 30 ] ولو قال الشريك هو يحسن هذه الصنعة ، ولكنه قد كتمها ، وامتنع من إظهارها . فقوله محتمل ، وهو منسوب إلى العبد دون المعتق ، لكن لا يجوز أن يدعيه على العبد ؛ لأنه لا يجب به عليه حق ، ولا يدعيه على المعتق ؛ لأنه منسوب إلى غيره إلا أن يدعي عليه علمه بكتمانه فتتوجه الدعوى إليه ، ويحلف على النفي أنه كتم ما يحسن ، ولو اختبر العبد فكان يحسن الصنعة نظر ، فإن قصر زمان ما بين العتق والتقويم عن تعلم تلك الصنعة ، ثبت تقدمها ، ولم يحلف الشريك عليها ، واستحق قيمته صانعا ، وإن تطاول واتسع لتعلم تلك الصنعة ، صار تقدمها داخلا في الجواز ، فصار كادعائها في ميت ، فيكون على ما قدمناه في الميت من اختلاف أصحابنا على الطريقين :
أحدهما : أنه على قولين .
والطريق الثاني : أن القول فيه قول المعتق مع يمينه بالله أنه كان وقت العتق غير صانع ، ولم يحلف أنه غير صانع كما يحلف في الميت والله أعلم .