مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " لم يعتق بعد الموت منه إلا ما أوصى به " . ولو أوصى بعتق نصيب من عبد بعينه
قال الماوردي : وهذا صحيح : إذا وصى بعتق شرك له في عبد أن يعتق عنه بعد موته ، كان عتق حصته معتبرا في ثلثه ، ومستحق تحريرها على ورثته ، ولا يعتق عليه بالموت حتى يعتقها الورثة عنه ، ولو قال : إذا مت ، فنصيبي منه حر عتق عليه بالموت ، ولم يعتبر فيه عتق الورثة له لأنه جعل الموت في هذا صفة للعتق ، وجعل [ ص: 33 ] الموت في ذلك وصية بالمعتق ، ثم يستويان في اعتبارهما من الثلث ، فإذا احتمل الثلث قيمة نصيبه عتق عليه ، ولا يسري العتق بعد الموت إلى حصة شريكه ، وإن كان الثلث متسعا لقيمتها ؛ لأن ملكه قد زال عنه بالموت إلا قدر ما استثناه في وصيته ، فلو وصى بعتق نصيبه بعد موته ، وبعتق نصيب شريكه قال أبو حامد الإسفراييني : تصح وصيته بعتقها إذا احتملها الثلث ؛ لأنه بالوصية مستثنى لهما من ماله ، فصار موسرا بهما كالحر ، فصار عتق نصيبه مباشرة ، وعتق نصيب الشريك سراية ، وهذا عندي ليس بصحيح ، بل تصح الوصية بعتق نصيبه ، ولا تسري إلى نصيب شريكيه لأمرين : أحدهما : أنه موص بعتق ملك غيره ، فلم يلزم غيره .
والثاني : أن عتق السراية ما سرى بغير اختيار ولا وصية ، وهذا موجود في عتق الحي ، ومعدوم في عتق الميت ، ولكن ففيه وجهان من اختلاف أصحابنا في الحي إذا أعتق بعض عبده ، هل ينفذ العتق في جميعه مباشرة أو سراية ؟ لو كان الموصي يملك جميع العبد ، فوصى بعتق بعضه بعد موته ،
فأحد الوجهين : أنه يعتق عليه جميع العبد مباشرة ، فإذا أوصى بعتق بعضه عتق عليه جميعه .
والوجه الثاني : يعتق باقيه على الحي بالسراية ، فإذا أوصى بعتق بعضه عتق ذلك البعض ، ولم يسر إلى جميعه ، وإذا عجز الثلث عن عتق ما أوصى به رد العتق إلى ما اتسع له الثلث إلا أن يمضيه الورثة فيما زاد على الثلث ، فيمضي عتقه وبالله التوفيق .