مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن ورث منه شقصا عتق ولم يقوم عليه وإن وهب لصبي من يعتق عليه " .
قال الماوردي : وهو كما قال : لأنه يملك بالميراث من غير اختيار ، فعتق عليه ما ورثه منه ، لدخوله في ملكه ، ولم يقوم عليه ما بقي منه لعدم اختياره ، كمن وصى بعتق عبده ، وخرج بعضه من ثلثه رق باقيه لورثته ، ولم يقوم عليهم في عتقه ؛ لدخوله في ملكهم بغير اختيارهم .
فلو عتق عليه ما ملكه منه ، وقوم عليه باقيه ؛ لأنه ملكه باختياره ، وعتق عليه باختياره والتقويم معتبر باختيار الملك ولا يعتبر باختيار العتق . ابتاع شقصا من أبيه وهو لا يعلم أنه أبوه ، ثم علم ،
فينظر فإن باشر غنيمته عتق عليه سهمه منه ، وقوم عليه باقيه ؛ لأنه قد ملكه باختياره ، وعتق عليه بغير اختياره ، وإن لم يعلم به ، وإن غنمه شركاؤه ، ولم يباشر غنيمته عتق عليه سهمه منه ، ولم يقوم عليه باقيه ؛ لأنه ملكه بغير اختياره ، وعتق عليه بغير اختياره . ولو غنم أبوه ، وهو أحد شركاء غانميه ، فإن لم يكن في الغنيمة غير أبيه أحد تعين حقه فيه ،
وإن كان في الغنيمة غير أبيه ، فقد اختلف أصحابنا فيما يملكه الغانمون بحضور الوقعة ، وإجازة الغنائم على وجهين :
أحدهما : أنهم ملكوا بالحضور أن يتملكوا الغنيمة ، ولا يملكونها إلا بالقسمة فعلى هذا ينظر .
[ ص: 77 ] فإن حصل أبوه في سهم غيره لم يعتق عليه شيء منه ، وإن حصل في سهمه عتق عليه ، وإن حصل بعضه في سهمه قوم عليه باقيه ، سواء باشر غنيمته أو لم يباشرها ؛ لأنه بأخذه في سهمه قد صار مالكا له باختياره .
والوجه الثاني : أنهم قد ملكوا الغنيمة بالحضور قبل القسمة سائغة بينهم في جميع الأصناف ، ثم تنتقل بالقسمة إلى ما تعين لكل واحد منهم ، فعلى هذا تكون كما لو لم يكن في القسمة غير أبيه ، فيعتق عليه سهمه قبل القسمة ، ولا يقوم عليه باقيه إذا لم يباشر غنيمته إلا أن يحصل بالقسمة في سهمه ، فيعتق بها .