مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " لأنهم في معنى من أعتق والمعتق السائبة معتق وهو أكثر من هذا في معنى المعتقين فكيف لا يكون له ولاؤه ( قال ) فالمعتق سائبة قد أنفذ الله له العتق لأنه طاعة وأبطل الشرط بألا ولاء له لأنه معصية وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ومن ورث من يعتق عليه أو مات عن أم ولد له فله ولاؤهم وإن لم يعتقهم الولاء لمن أعتق .
قال الماوردي : وهذا صحيح : كل عتق نفذ على ملك للرق ثبت ولاؤه لمن عتق على ملكه ، سواء كان باختياره أو غير اختياره ، بقوله أو بفعله ، أو بغير قوله وغير فعله ، في حياته ، أو بعد موته ، بعوض ، أو بغير عوض ، فالمعتق باختياره أن يباشر عتق عبد قد استقر ملكه عليه ، فيقول له : أنت حر .
والعتق بغير اختياره أن يعتق شقصا له من عبد ، فيسري إلى جميعه ، ويعتق عليه بغير اختياره ، وله جميع ولائه أو يرث أحد من يعتق عليه من والديه أو مولوديه ، فيعتق عليه بغير اختياره ، وله ولاؤه ، وعتق الحمل يعتق عليه بغير اختياره ، وله ولاؤه ، وعتق أولاد أم ولده من غيره يعتقون عليه بغير اختياره ، وله ولاؤهم .
وأما العتق بالفعل ، فهو أن يشتري من يعتق عليه ، فيعتق عليه بفعل الشراء ، وله ولاؤه ، وأم الولد تعتق عليه بالإيلاد إذا مات ، وله ولاؤها .
وأما العتق بالمعاوضة ، فعتق المكاتب بالأداء ، وله ولاؤه ؛ لأنه عتق على ملك ، وإن وصل فيه إلى العوض عن رقه ؛ لأنه أداه من كسبه .
روى معمر عن قتادة عن ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل يكاتب عبدا له ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : اشترط ولاءه . يعني أعلمه ، فدل على استحقاق ولائه ، فولاء الأول لسيده ، وفي ولاء الثاني قولان : فلو كاتب المكاتب عبدا ، وعتق الثاني ثم عتق الأول ،
أحدهما : للسيد .
والثاني : للمكاتب الأول .
فأما العتق بالموت ، فعتق أم الولد المدبر وله ولاؤهما لعتقهـما على ملكه .
[ ص: 90 ] وأما العتق بعد الموت ، فعتق من أوصى بعتقه بعد موته له ولاؤهم ؛ لأنهم عتقوا من ماله ، فلم يمنع عتقهم بعد موته من ملك ولائهم يناله الذي كان مالكه قبل موته .