فصل : وأما الفصل الثاني : وقيمته معتبرة في وقت موت السيد لا في وقت تدبيره ، لاعتبارها بالعتق الذي صار به مستهلكا ، وهي معتبرة من الثلث لا من رأس المال فإن احتمله الثلث وإلا عتق منه قدر ما احتمله الثلث ، ورق باقيه للورثة ، وهذا قول جمهور الصحابة ، والتابعين والفقهاء ، وسواء دبره في صحته ، أو في مرضه . وذهبت طائفة إلى أنه يعتق من رأس المال ، ولا يرق بعد العتق . قاله من الصحابة فيما يكون معتبرا في التركة وهو قيمة المدبر عبد الله بن مسعود حكاه زكريا الساجي عنه ومن التابعين سعيد بن جبير ومسروق .
ومن الفقهاء : حماد ابن أبي سليمان ، والحكم بن عتيبة وإبراهيم النخعي وداود اعتبارا بعتق أم الولد ؛ لأن عتقها واقع بالموت .
والـدليل على أنه من الثلث ما رواه عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ورواه المدبر من الثلث . الشافعي موقوفا عن ابن عمر ، ولأن عتقه في المرض أمضى ، وهو معتبر من الثلث ، فكان التدبير أولى أن يعتبر من الثلث ، ولأن ما لا يلزم قبل الموت كان لزومه بالموت موجبا لاعتباره من الثلث ، كالوصايا وهذا خالف أم الولد للزوم عتقها قبل الموت .
فإذا تقرر أنه في الثلث واحتمله الثلث ، وهو أن تكون قيمته مائة درهم وترك للورثة مائتي درهم فأكثر ، عتق بالموت لحصول مثلي قيمته للورثة ولو لم يترك السيد شيئا ، وكسب المدبر مائتي درهم في حياة سيده ، كانت من تركة السيد وعتق بها لمصير الورثة إلى مثلي قيمته ميراثا ، ولو كسبها بعد موت سيده ، كانت بينه وبين الورثة ملكا ، لا تضاف إلى التركة ، ولا يدخل بها في عتقه ، ويكون فيها مدبرا لم يترك سيده سواه ، فيعتق ثلثه بالموت وثلثاه موقوف للورثة إلا أن يجيز الورثة عتق باقيه ، فيعتق جميعه ويكون في ولائه قولان :
أحدهما : للسيد إذا قيل : إن إجازتهم أمضى لوصيته .
والثاني : يكون للسيد ثلث ولائه ، ولهم ثلثاه إذا قيل إن إجازتهم عطية منهم .