فصل : وإن فهذا اختلاف في حريته ورقه ، فتسمع دعواه على الأحوال كلها سواء جعل الجحود رجوعا في حق السيد ، أو لم يجعل ؛ لأن الرجوع في التدبير بعد الموت باطل . فإن كان للعبد بينة سمعت على التدبير لا على العتق ؛ لأن عتق التدبير حكم والبينة تسمع على ما أوجب الحكم لا على الحكم ، وإن عدم العبد البينة أحلف الورثة ، وكان واجبا عليه أن يحلفهم ، لئلا يسترق بعد عتق فإن حلف الورثة كانت يمينهم على العلم دون البت لأنها يمين نفي لفعل غيرهم ، وكانوا [ ص: 125 ] في أيمانهم مخيرين بين أن يحلفوا على نفي التدبير ، وبين أن يحلفوا على نفي العتق بخلاف البينة التي لا تسمع إلا على التدبير دون العتق ؛ لأن البينة تؤدي ما تضمنت ، وهو العقد ، واليمين فيما تضمنته الدعوى ، وهو كل واحد من العقد والعتق ، فصار جحود العتق جحودا للعقد ، وجحود العقد جحودا للعتق ، فلذلك كان الورثة في اليمين مخيرين في نفي أحدهما أيهما أرادوا ، فإن حلفوا على نفي التدبير حلفوا والله لا نعلم أنه دبرك ، ولا يلزم أن يقولوا في اليمين ، وإنك لباق على الرق ؛ لأن نفي التدبير يوجب بقاءه على الرق بأصل الملك . كان الجاحد للتدبير ورثة السيد
وإن حلفوا على نفي العتق حلفوا : " والله لا نعلم أنك عتقت " وهل يلزمهم أن يقولوا في هذه اليمين ، وإنك لباق على الرق فيه وجهان :
أحدهما : لا يلزم كما لا يلزم إذا حلفوا على نفي التدبير .
والوجه الثاني : يلزم أن يقولوا هذا في نفي العتق ، وإن لم يلزم أن يقولوه في نفي التدبير .
والفرق بينهما : أن التدبير صريح الدعوى فجاز الاقتصار على نفيه ، والعتق حكم الدعوى في حق العبد ، والرق حكم الإنكار في حق الورثة ، فلزم الجمع بين الأمرين نفيا وإثباتا . فإن حلفوا على ما وصفناه كان العبد على رقه موروثا ، وإن نكلوا ردت اليمين على العبد فإن حلف عتق بالتدبير ، وإن نكل كان على رقه موروثا ، ويجب عليه أن يحلف إذا علم أنه فيما ادعاه صادق ، وإن لم يؤخذ بها جبرا ليفك رقبته من رق بعد عتق . والله أعلم .