فصل : وأما الوجوه الأربعة في الفرق بينه وبين البيع .
فأحدها : أن ولا تصح بمعين حاضر : لأن المعين إن كان في يد المكاتب حين العقد فهو ملك للسيد ، فلم يجز أن يكاتبه بملكه على ملكه ، وإن لم يكن في يده كان من جواز الكتابة أبعد لفساده فيها وفي البيع . البيع يصح بعوض معين ، وموصوف ، والكتابة لا تصح إلا بعوض موصوف في الذمة ،
والثاني : أن العوض في البيع يصح معجلا ومؤجلا ، ولا يصح في الكتابة إلا مؤجلا لما نذكره من الدليل في الخلاف مع أبي حنيفة ، رضي الله عنه .
والثالث : أن خيار الثلاث يدخل في البيع بالشرط وخيار المجلس يدخل فيه بالعقد ، ولا يدخل في الكتابة من جهة السيد خيار الثلاث ، ولا خيار المجلس ؛ لأن موضوعهما في البيع لاستدراك الغبن ليحصل المقصود به من النماء والاستزادة وليس كذلك الكتابة لظهور الغبن في موضعهما لأنه يعاوض فيها على رقبة عبده بكسبه وكلاهما من ملكه ، فلم يكن لدخول الخيار الذي يستدرك به المغابنة وجه .
والرابع : أن خيار المكاتب مؤبد ما بقي على كتابته ، ولا يجوز دخول مثله في البيع ؛ لأن المترجح في الكتابة مصلحة المكاتب دون السيد ، فثبت له من الخيار ما لم يثبت للسيد بخلاف البيع الذي يشترك في خياره المتبايعان ، وصار الخيار في الكتابة مؤبدا وإن كان في البيع مقدرا ؛ لأن معناه في البيع استدراك الغبن الموجود في قليل الزمان ، فصار مقدرا وفي الكتابة العجز عن المال الذي يكون في كل الزمان فصار مؤبدا .