فصل : فإذا ثبت ما ذكرنا من حكم ملكه بعد رقه ، فإن قلنا : يكون مغنوما كان ما يؤديه المكاتب فيئا لبيت مال المسلمين ، فإن عتق بالأداء كان ولاؤه لكافة المسلمين ، ويكون معنى قول الشافعي : " ولا ولاء لأحد بسببه " يعني : أنه لا ولاء لأحد من المسلمين بعينه ، لأن ولاءه لجماعتهم ، وإن عجز هذا المكاتب ورق كان مملوكا في بيت المال لكافة المسلمين ، وسواء على هذا القول أن يموت سيده على رقه أو يعتق قبل موته ، وإن قلنا : إن ماله يكون بعد حدوث رقه موقوفا على ما يكون من عتقه أو موته فله حالتان : حالة يعتق قبل موته ، وحالة يموت على رقه ، فإن عتق قبل موته عاد ماله الموقوف إلى ملكه ، وإن كان المكاتب باقيا على كتابته أداها عتق وكان ولاؤه إن عتق له ، وإن كان قد أداها إلى الحاكم أخذ من الحاكم ما استأداه من كتابته ، وكان له ولاء مكاتبه ، وإن مات على رقه كان ماله مغنوما لا يرد على سيده ، ولا على وارثه ، ويعتبر حال مكاتبه ، فإن له حالتين :
إحداهما : أن يعجز ، ويرق ، فيكون مغنوما كسائر أمواله .
والحالة الثانية : أن يؤدي فيعتق فلا يخلو حالة عتقه بالأداء من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون قبل استرقاق سيده ، ففي ولائه وجهان :
أحدهما : أن يكون لبيت المال كسائر أمواله .
[ ص: 262 ] والوجه الثاني : يزول الولاء ، ويرتفع ، ويصير المكاتب بعد العتق ممن عليه ، وهو معنى قول الشافعي : ولا ولاء لأحد بسببه .
والقسم الثاني : أن يكون عتق المكاتب بعد استرقاق سيده وقبل موته ، ثابت ، وفي مستحقه قولان :
أحدهما : يكون لبيت المال .
والثاني : يكون لسيد السيد ، مبنيان على اختلاف قولي الشافعي في المكاتب إذا عتق الثاني قبل عتق الأول كان في ولاء الثاني قولان :
أحدهما : يكون للسيد .
والثاني : موقوف على المكاتب الأول .
والقسم الثالث : أن يكون عتق المكاتب بعد موت سيده ، فيكون ولاؤه ثابتا لبيت المال قولا واحدا ، والله أعلم .