فصل
العجز الشرعي كالحسي ، فلا يصح ، أو [ قطع ] يد صحيحة ، ولا استئجار الحائض لكنس المسجد وخدمته ، ولا الاستئجار لقلع سن صحيحة ، أو الفحش ، أو ختان صغير لا يحتمل ألمه . استئجار أحد لتعليم التوراة والإنجيل ، أو السحر
فرع
، إنما يجوز إذا صعب الألم وقال أهل الخبرة : إنه يزيل الألم . وقطع اليد المتأكلة ، إنما يجوز إذا قال أهل الخبرة : إنه نافع ، ومع ذلك ، ففيه خلاف وتفصيل يأتي إن شاء الله تعالى في باب ضمان الولاة من كتاب " الجنايات " فحيث لا يجوز القلع أو القطع ، فالاستئجار له باطل ، وحيث يجوز ، يصح الاستئجار [ ص: 185 ] على الأصح . ووجه المنع : أنه لا يوثق ببقاء العلة ، فربما زالت بتعذر الوفاء . وسبيل مثل هذا ، أن يحصل بالجعالة ، فيقول : اقلع سني هذه ولك كذا . ورأى الإمام تخصيص الوجهين بالقلع ، لأن زوال الوجع في ذلك الزمن غير بعيد ، بخلاف الأكلة ، فإنه غير محتمل في زمن القطع . ويجري الوجهان ، في قلع السن الوجعة ، لأن هذه الإيلامات إنما تباح بالحاجة ، وقد تزول الحاجة . الاستئجار للفصد والحجامة وبزغ الدابة
فرع
، انفسخ العقد إن أستأجرها عينها وعينت المدة . وإن استأجر [ ها ] في الذمة ، لم ينفسخ ، لإمكان الكنس بغيرها أو بعد الحيض . وإذا جوزنا استأجرها لكنس المسجد ، فحاضت ، انفسخت الإجارة ، للتعذر على المذهب ، وفيه كلام يأتي إن شاء الله تعالى في القسم الثالث من الباب الثالث . وإن لم يبرأ ، لكن امتنع المستأجر من القلع ، قال في " الشامل " : لا يجبر عليه ، إلا أنه إذا سلم الأجير نفسه ، ومضى مدة إمكان العمل ، وجب على المستأجر الأجرة . ثم ذكر القاضي الاستئجار لقلع السن ، فسكن الوجع وبرأ أبو الطيب : أنها لا تستقر ، حتى لو انقلعت تلك السن ، انفسخت الإجارة ، ووجب رد الأجرة ، كما لو مكنت الزوجة في النكاح ، ولم يطأ الزوج . ويفارق ما إذا حبس الدابة مدة إمكان السير ، حيث تستقر عليه الأجرة ، لتلف المنافع تحت يده .
قلت : هذا الذي نقله عن صاحب " الشامل " إلى آخر كلام القاضي أبي الطيب ، هكذا هو في " الشامل " والبيان . فإن قيل : قد قال الشيخ نصر المقدسي في " تهذيبه " : إذا امتنع المستأجر من قلعه ، لم يكن له فسخ العقد ، لكن يدفع [ ص: 186 ] الأجرة ، وله الخيار بين مطالبته بقلعه ، وبين تركه ، كما لو استأجره ليخيط [ له ] ثوبا . قلنا : هذا الذي قاله ، لا يخالف قول صاحب " الشامل " . والله أعلم .