القسم الثاني : ، فمن صوره موت الدابة والأجير المعين ، فإن كان قبل القبض أو عقبه قبل مضي مدة لمثلها أجرة ، انفسخ العقد . وإن كان في خلال المدة ، انفسخ العقد في الباقي وفي الماضي الطريقان فيما إذا اشترى عبدين ، فقبض أحدهما وتلف الثاني قبل القبض ، هل ينفسخ البيع في المقبوض ؟ فإن قلنا : ينفسخ في الماضي ، سقط المسمى ووجب أجرة المثل لما مضى . وإن قلنا : [ ص: 241 ] لا ينفسخ فيه ، فهل له خيار الفسخ ؟ وجهان . أصحهما عند الإمام فوات المنفعة بالكلية حسا والبغوي : لا ، لأن منافعه استهلكت . والثاني : نعم ، وبه قطع ابن الصباغ وآخرون ، لأن جميع المعقود عليه لم يسلم . فإن قلنا : له الفسخ ، ففسخ ، رجع إلى أجرة المثل . وإن قلنا : لا فسخ ، أو أجاز ، وجب قسط ما مضى من المسمى ، والتوزيع على قيمة المنفعة وهي أجرة المثل ، لا على نفس الزمان ، وذلك يختلف ، فربما تزيد أجرة شهر على أجرة شهرين ، لكثرة الرغبات في ذلك الشهر .
وإن كانت ، وجب من المسمى ثلثاه . وإن كانت بالعكس ، فثلثه . وإذا أثبتنا الخيار بعيب ، ففسخ العقد في المستقبل ، ففي الانفساخ في الماضي الطريقان . فإن لم ينفسخ ، فطريق التوزيع ما بيناه . وإن أجازه ، فعليه الأجرة المسماة بتمامها ، كما لو رضي بعيب المبيع ، لزمه جميع الثمن . وسواء حصل التلف بآفة سماوية ، أم بفعل المستأجر ، بل لو قتل العبد أو الدابة المعينة ، كان حكم الانفساخ والأجرة ما ذكرناه ، ويلزمه قيمة ما أتلف . وعن مدة الإجارة سنة ، ومضى نصفها ، وأجرة المثل فيه مثل أجرة المثل في النصف الباقي : أنه تستقر عليه الأجرة المسماة بالإتلاف كما يستقر الثمن على المشتري بإتلافه . والصحيح الأول ، لأن البيع ورد على العين ، فإذا أتلفها صار قابضا ، والإجارة واردة على المنافع ، ومنافع الزمن المستقبل معدومة لا يتصور ورود الإتلاف عليها ، وعلى هذا لو عيب المستأجر الدار ، أو جرح العبد ، فهو كالتعيب بآفة سماوية في ثبوت الخيار . ابن أبي هريرة
فرع
نص أن ، ونص فيما إذا اكترى أرضا [ ص: 242 ] للزراعة ولها ماء : معتاد فانقطع ، أن له فسخ العقد ، وفيهما ثلاثة طرق . أحدها : تقرير النصين ، لأن الدار لم تبق دارا ، والأرض بقيت أرضا ، ولأن الأرض يمكن زراعتها بالأمطار . والثاني : القطع بعدم الانفساخ . وأصحها : قولان في المسألتين . أظهرهما : في الانهدام الانفساخ ، وفي انقطاع الماء : ثبوت الخيار ، وإنما يثبت الخيار إذا انقطعت الزراعة . فإن قال المؤجر : أنا أسوق إليها ماء من موضع آخر ، سقط الخيار كما لو بادر إلى إصلاح الدار . فإن قلنا بالانفساخ ، فالحكم كموت العبد ، وإلا ، فله الفسخ في المدة الباقية . انهدام الدار يقتضي الانفساخ
وفي الماضي الوجهان . فإن منعناه ، فعليه قسط ما مضى من المسمى ، وإن أجاز ، لزمه المسمى كله ، وقيل يحط للانهدام وانقطاع الماء ما يخصه .
فرع
. فإن امتنع ، استؤجر عليه . وإن كانت إجارة عين ، أو غصبت الدار المستأجرة ، فللمستأجر الخيار . فإن كان ذلك في أثناء المدة ، فإن اختار الفسخ ، فسخ في الباقي . وفي الماضي الخلاف السابق . وإن لم يفسخ وكان قد استأجر مدة معلومة فانقضت ، بني على الخلاف فيما إذا أتلف أجنبي المبيع قبل القبض ، هل ينفسخ البيع ، أم لا ؟ إن قلنا : ينفسخ ، فكذلك الإجارة ، ويسترد الأجرة . وإن قلنا : لا ينفسخ ، فكذلك الإجارة ، ويتخير بين أن يفسخ ويسترد الأجرة ، وبين أن يجيز ويطالب الغاصب بأجرة المثل . والذي نص عليه [ ص: 243 ] لو غصب العبد المستأجر أو أبق ، أو ندت الدابة ، فإن كانت الإجارة في الذمة ، فعلى المؤجر الإبدال - رضي الله عنه - والأصحاب ، انفساخ الإجارة وإن كان البناء المذكور يقتضي ترجيح عدم الانفساخ ، لكن المذهب الانفساخ . وعلى هذا ، لو عاد إلى يده وقد بقي بعض المدة ، فللمستأجر أن ينتفع به في الباقي ، وتسقط حصة المدة الماضية ، إلا إذا قلنا : إن الانفساخ في بعض المدة يوجب الانفساخ في الباقي ، فليس له الانتفاع في بقية المدة . وإن كان استأجره لعمل معلوم ، فله أن يستعمله فيه متى قدر عليه . وإذا بادر المؤجر إلى الانتزاع من الغاصب ، ولم تتعطل منفعة على المستأجر ، سقط خياره كما سبق في إصلاح الدار . الشافعي
فرع
إذا ، ففي قبول إقراره في الرقبة قولان . أظهرهما : القبول . فإن قبلناه ، ففي بطلان حق المستأجر من المنفعة أوجه . أصحها : لا يبطل . والثاني : يبطل . والثالث : إن كانت العين في يد المستأجر تركت في يده إلى انقضاء المدة . وإن كانت في يد المقر له ، لم تنزع منه ، فإن قلنا بالبطلان ، فهل يحلف المؤجر ؟ فيه الخلاف المذكور في أن المرتهن ، هل يحلف الراهن إذا أقر بالمرهون وقبلناه ؟ أقر المؤجر بالمستأجرة للغاصب من المستأجر أو لغيره
فرع
، وليس للمستأجر المخاصمة على الأصح المنصوص كالمودع والمستعير ، ويجري الوجهان في أن المرتهن هل يخاصم لأن له حقا ؟ للمؤجر مخاصمة من غصب المستأجرة أو سرقها
[ ص: 244 ]