فصل
في مسائل منثورة تتعلق بالباب الأول
إحداها : قال : ، لم يصح العقد ، لأنه غرر ، فأشبه السلم في شيء معين . الثانية : ألزمت ذمتك نسج ثوب صفته كذا على أن تنسجه بنفسك ، إذا عين أو وصف . الثالثة : إذا يصح استئجار الأرض بما يستأجر به الثوب والعبد من الدراهم والطعام وما تنبت الأرض وغيرها ، وجب نقد بلد العقد . ولو كانت الإجارة فاسدة ، فالاعتبار في أجرة المثل بموضع إتلاف المنفعة نقدا أو وزنا . الرابعة : تجوز استأجر دابة ليركبها إلى بلد بعشرة دنانير . الخامسة : لا يجوز أن إجارة المصحف والكتب لمطالعتها والقراءة منها . يستأجر بركة ليأخذ منها السمك
فلو استأجرها ليحبس فيها الماء حتى يجتمع فيها السمك ، جاز على الصحيح . السادسة : يصح من المستأجر إجارة ما استأجره بعد قبضه ، سواء أجر بمثل ما استأجر ، أم بأقل ، أم بأكثر . وفي إجارته قبل القبض وجهان . قال ابن سريج : يجوز ، والأصح : المنع . فعلى هذا ، في إجارته المؤجر وجهان ، كبيع المبيع للبائع قبل قبضه .
قلت : الأصح : صحة إجارته للمؤجر . والله أعلم .
السابعة : المستعير لا يكري . فلو استعار ليكريه ، لم يصح على الأصح . وقيل : يجوز كما لو استعاره ليرهنه .
[ ص: 257 ] الثامنة : حانوته الخراب ، بشرط أن يعمره المستأجر بماله ، ويكون ما أنفقه محسوبا من أجرته ، لم تصح الإجارة ، لأنه عند الإجارة غير منتفع به . التاسعة : لا تجوز إجارة الحمام بشرط أن تكون مدة تعطله بسبب العمارة ونحوها محسوبة على المستأجر ، ولا على المؤجر ، لا بمعنى انحصار الإجارة في المدة في الباقي لأن المدة تصير مجهولة ، ولا بمعنى استيفاء مثلها بعد المدة لأن آخر المدة يصير مجهولا . العاشرة : أجر ناظر المسجد ، جاز ، لأن الظاهر أنه يجد راغبا ، ولشراء شيء معين لا يجوز ، لأن رغبة مالكه في البيع غير مظنونة ، ولشراء شيء موصوف يجوز ، ولبيع شيء معين لا يجوز . الحادية عشرة : استأجره ليبيع له شيئا معينا ، قال لو أراد استئجاره للخروج إلى بلد السلطان ، والتظلم للمستأجر ، وعرض حاله في المظالم القفال في " الفتاوى " : يستأجر مدة كذا ليخرج إلى موضع كذا ويذكر حاله في المظالم ويسعى في أمره عند من يحتاج إليه ، فتصح الإجارة ، لأن المدة معلومة وإن كان في العمل جهالة ، كما لو استأجره يوما ليخاصم غرماءه ، قال : ولو بدا للمستأجر ، فله أن يستعمله فيما ضرره مثل ذلك .
الثانية عشرة : حكى عن نص ابن كج - رضي الله عنه - ، أنه لا تصح إجارة الأرض حتى ترى لا حائل دونها من زرع وغيره ، وفي هذا تصريح بأن إجارة الأرض المزروعة لا تصح ، توجيها بأن الزرع يمنع رؤيتها ، وفيها معنى آخر وهو تأخر التسليم والانتفاع عن العقد ، ومشابهته إجارة الزمان المستقبل ، ويقرب منه ما لو أجر دارا مشحونة بطعام وغيره وكان التفريغ يستدعي مدة ، ورأيت للأئمة فيما جمع من فتاوى الشافعي القفال جوابين فيه . أحدهما : أنه إن أمكن التفريغ في مدة [ ص: 258 ] ليس لمثلها أجرة ، صح العقد ، وإلا ، فلا ، لأنه إجارة مدة مستقبلة . والثاني : أنه إن كان يذهب في التفريغ جميع مدة الإجارة ، لم يصح . وإن كان يبقى منها شيء ، صح ولزم قسطه من الأجرة إذا وجد فيه التسليم . وخرجوا على الجوابين ، ما إذا استأجر دارا ببلد آخر ، فإنه لا يتأتى التسليم إلا بقطع المسافة بين البلدين ، وما إذا [ باع ] جمدا وزنا وكان ينماع بعضه إلى أن يوزن .
قلت : الصحيح من الجوابين هو الأول ، بل قد تقدم في الشرط الثالث من الركن الرابع من الباب الأول وجه : أنه لا تصح إجارة المشحونة بالقماش وإن أمكن تفريغها في الحال . وتقدم هناك ، أن المذهب صحة إجارة الأرض المستورة بالماء للزراعة ، وليس هو مخالفا للمذكور هنا ، لأن التعليل هناك بأن الماء من مصالحها مفقود هنا .
والأصح عندي ، فيما إذا استأجر دارا ببلد آخر ، الصحة ، وفي الجمد المنع ، لإمكان بيعه جزافا . والله أعلم .
الثالثة عشرة : ، صح . وإن أطلق ، فقد حكي عن النص المنع ، والمذهب الجواز ، ويلزم ما جرت العادة به . وفصل القاضي أبو سعد بن أبي يوسف أنواعها فقال : يدخل في هذه الإجارة ، غسل الثوب وخياطته ، والخبز والعجن وإيقاد النار والتنور ، وعلف الدابة وحلبها ، وخدمة الزوجة ، والغرس في الدار ، وحمل الماء إلى الدار للشرب ، وإلى المتوضئ للطهارة . إذا استأجر للخدمة ، وذكر وقتها من الليل والنهار ، وفصل أنواعها
وعن سهل الصعلوكي : أن علف الدابة وحلبها ، وخدمة الزوجة ، لا تدخل إلا بالتنصيص عليها ، وينبغي أن يكون الحكم كذلك في خياطة الثوب وحمل الماء إلى الدار ، ويجوز أن يختلف الحكم فيه بالعادة . وذكر بعض شراح " المفتاح " أنه ليس له إخراجه من البلدة ، إلا أن يشرط عليه مسافة [ ص: 259 ] معلومة من كل جانب ، وأن عليه المكث عنده إلى أن يفرغ من صلاة العشاء الآخرة .
قلت : المختار في هذا كله ، الرجوع إلى عادة الخادم في ذلك البلد وذلك الوقت ، ويختلف ذلك باختلاف مراتب المستأجرين ، وباختلاف الأجراء ، وفي الذكورة والأنوثة من الطرفين ، وغير ذلك ، فيدخل ما اقتضته العادة دون غيره . والله أعلم .
الرابعة عشرة : . الخامسة عشرة : استأجره على القيام على ضيعة ، قام عليها ليلا ونهارا على المعتاد ، وأنه يخبز في تنور أو فرن ، وآلات الخبز على الأجير إن كانت إجارة على الذمة ، وإلا ، فعلى المستأجر ، وليس على الأجير إلا تسليم نفسه ، والقول فيمن عليه الحطب كالحبر في حق الوراق السادسة عشرة : قال بعض شراح " المفتاح " : لو اكترى دابة ليركبها فرسخين ، لم يجز حتى يبين شرقا أو غربا ، فإذا بين فأراد العدول إلى غيرها ، فللمكري منعه ، لأن المعين قد يكون أسهل ، أو له فيه غرض ، وهذا يخالف ما سبق ، فليجعل وجها . استأجره للخبز ، بين أنه يخبز أقراصا ، أو أرغفة غلاظا أو رقاقا
[ ص: 260 ]