فصل
في مسائل تتعلق بالكتاب
إحداها : ، يعرفانها ، ويتملكانها ، وليس لأحدهما نقل حقه إلى صاحبه ، كما لا يجوز للملتقط نقل حقه إلى غيره . وجد رجلان لقطة
الثانية : ، فإن تعرضت بينة لسبق ، حكم بها ، وإلا ، فعلى الخلاف في تعارض البينتين . تنازعا ، فأقام كل واحد بينة أنه الملتقط
[ ص: 416 ] الثالثة : ، فالأول أحق بها على الأصح . وقيل : الثاني . ضاعت من يد الملتقط ، فأخذها آخر
الرابع : ، فالآخذ أولى . فلو أراه اللقطة وقال : هاتها ، فأخذها لنفسه ، فهي للآخذ . وإن أخذها للآمر ، أو له ولنفسه ، فعلى القولين في جواز التوكيل بالاصطياد ونحوه . كانا يتماشيان ، فرأى أحدهما اللقطة ، وأخبر بها الآخر
الخامسة : ، لم يضمنه ، لأنه لم يحصل في يده ، قاله رأى شيئا مطروحا على الأرض ، فدفعه برجله ليعرف جنسه ، أو قدره ، ولم يأخذه حتى ضاع المتولي .
السادسة : ، ففي تمكينه وجهان حكاهما دفع اللقطة إلى الحاكم وترك التعريف والتملك ، ثم ندم وأراد أن يعرف ويتملك . ابن كج
قلت : المختار المنع ، لأنه أسقط حقه . والله أعلم .
السابعة : قال في " المهذب " : لو وجد خمرا أراقها صاحبها ، لم يلزمه تعريفها ، لأن إراقتها مستحقة . فإن صارت عنده خلا ، فوجهان . أحدهما : أنها للمريق ، كما لو غصبها فصارت خلا . والثاني : للواجد ، لأنه أسقط حقه ، بخلاف الغصب ، وهذا الذي ذكره تصويرا وتوجيها ، إنما يستمر في الخمرة المحترمة ، وحينئذ لا تكون إراقتها مستحقة . أما في الابتداء ، فظاهر . وأما عند الواجد ، فينبغي أن يجوز إمساكها إذا خلا عن قصد فاسد ، ثم يشبه أن يكون ما ذكره مخصوصا بما إذا أراقها ، لأنه معرض . أما إذا ضاعت المحترمة من صاحبها ، فلتعرف كالكلب .
قلت : أما قول الإمام الرافعي : يشبه أن يكون . . إلى آخره ، فكذا صرح به صاحب " المهذب " فقال : وجد خمرا أراقها صاحبها . وأما قوله : إن الواجد يجوز له إمساكها ، [ ص: 417 ] فغير مقبول ، بل لا يجوز وإن خلا عن القصد الفاسد . والكلام فيما إذا لم يعلم الواجد أنها محترمة ، وحينئذ فقول صاحب " المهذب " : الإراقة واجبة - يعني على الواجد - كلام صحيح ، لأن الظاهر عدم احترامها . والله أعلم .
الثامنة : قد سبق أن البعير وما في معناه ، لا يلتقط إذا وجد في الصحراء ، واستثنى صاحب التلخيص ما إذا ، فحكى عن نص وجد بعيرا في أيام منى مقلدا في الصحراء تقليد الهدايا - رضي الله عنه - : أنه يأخذه ويعرفه أيام منى . فإن خاف فوت وقت النحر ، نحره ، والمستحب أن يرفعه إلى الحاكم حتى يأمره بنحره . وحكى غيره قولا أنه لا يجوز أخذه . وبنوا القولين على القولين فيمن وجد بدنة منحورة قد غمس نعلها في دمها ، وضرب به صفحتها ، هل يجوز الأكل منها ؟ فإن منعناه ، منعنا الأخذ هنا . وإن جوزناه اعتمادا على العلامة ، فكذا هنا التقليد علامة . والأضحية المعينة إذا ذبحت في وقت النحر ، وقعت الموقع وإن لم يأذن صاحبها ، قال الإمام : لكن ذبح الأضحية إن وقع الموقع ، لا يجوز الإقدام عليه من غير إذن ، ولهذا الإشكال قال الشافعي القفال تفريعا على [ هذا ] القول يجب رفع الأمر إلى القاضي لينحره ، وأول قول - رضي الله عنه - : استحب . ثم لك أن تقول : الاستثناء غير منتظم ، وإن جوزنا الأخذ ، لأن الأخذ الممنوع إنما هو الأخذ للتملك ، ولا شك أن هذا البعير لا يؤخذ للتملك . الشافعي
قلت : قد سبق في جواز أخذ البعير لآحاد الناس للحفظ وجهان . فإن منعناه ، ظهر الاستثناء . وإن جوزناه وهو الأصح ، ففائدة الاستثناء جواز التصرف فيه بالنحر . والله أعلم .