فصل
إذا كان ؟ وجهان . أحدهما : لا ، بل يحتاج إلى إذن القاضي ، إذ لا ولاية للملتقط . وأرجحهما على ما يقتضيه كلام للقيط مال ، هل يستقل الملتقط بحفظه البغوي : الاستقلال .
قلت : رجح [ الإمام ] الرافعي أيضا في " المحرر " هذا الثاني . والله أعلم .
ولو ظهر منازع في المال المخصوص باللقيط ، فليس للملتقط مخاصمته على الأصح ، وسواء قلنا : له الاستقلال بالحفظ أم لا ، فليس له إنفاقه على اللقيط إلا بإذن القاضي إذا أمكن مراجعته . فإن أنفق ، ضمن ، ولم يكن له الرجوع على اللقيط كمن في يده مال وديعة ليتيم أنفقها عليه . وحكى وجها أنه لا يضمن [ وهو شاذ ] ، وإذا رفع الأمر إلى الحاكم ، فليأخذ المال منه ويسلمه إلى أمين لينفق منه على اللقيط بالمعروف ، أو يصرفه إلى الملتقط يوما يوما . ثم إن خالف الأمين وقتر عليه ، منع منه ، وإن أسرف ، ضمن كل واحد من الأمين والملتقط الزيادة ، والقرار على الملتقط إن كان سلم إليه ، لحصول الهلاك في يده . وهل يجوز أن يترك ابن كج ؟ تقدم عليه مسألة ، وهي أنه إذا لم يكن للقيط مال واحتيج إلى الاقتراض له ، هل يجوز للقاضي أن يأذن للملتقط في الإنفاق عليه من مال نفسه [ ليرجع ] ؟ نص أنه يجوز ، ونص في الضالة ، أنه لا يأذن لواجدها في الإنفاق من مال نفسه ليرجع على صاحبها ، بل يأخذ المال منه ويدفعه . إلى أمين ، ثم الأمين يدفع إليه كل يوم قدر الحاجة ، فقال جمهور الأصحاب : المسألتان على قولين . أحدهما : المنع فيهما . وأظهرهما عند الشيخ المال في يد الملتقط ويأذن له في الإنفاق منه أبي حامد : الجواز فيهما للحاجة ، لكثرة المشقة ، ويلحق لا أمين [ ص: 428 ] بالأب في ذلك ، وسبق مثل هذا الخلاف في إنفاق المالك عند هرب عامل المساقاة ، والجمال ، وأجراه أبو الفرج السرخسي في إنفاق قيم الطفل من مال نفسه . وقالت طائفة بظاهر النصين ، وفرقوا بأن . رجعنا إلى اللقيط لا ولي له في الظاهر ، فالأكثرون طردوا الطريقين في جوازه ، والأحسن ما أشار إليه إذن الحاكم للملتقط في الإنفاق من مال اللقيط ابن الصباغ ، وهو القطع بالجواز كقيم اليتيم يأذن له القاضي في الإنفاق من ماله عليه ، وينبغي أن يجري هذا الخلاف في تسليم ما اقترضه القاضي على الجمال الهارب إلى المستأجر ، ولا ذكر له هناك . وإذا جوزناه ، فبلغ اللقيط واختلفا فيما أنفق ، فالقول قول الملتقط إذا ادعى قدر الإيفاء في الحال ، وقد سبق في هرب الجمال وجه : أن القول قول الجمال ، والقياس طرده هنا . وإن ادعى زيادة على اللائق ، فهو مقر بتفريطه ، فيضمن ، ولا معنى للتحليف . قال الإمام : لكن لو وقع النزاع في عين ، فزعم الملتقط أنه أنفقها ، فيصدق لتنقطع المطالبة بالعين ، ثم يضمن كالغاصب إذا ادعى التلف ، هذا كله إذا أمكن مراجعة القاضي . فإن لم يكن هناك قاض ، فهل ينفق من مال اللقيط عليه بنفسه ، أم يدفعه إلى أمين لينفق عليه ؟ قولان . أظهرهما : الأول . فعلى هذا ، إن أشهد لم يضمن على الصحيح ، وإلا ، ضمن على الأصح .