فصل في الوصايا المتعرضة للجذور والكعاب الجذر    : كل مضروب في نفسه ، والحاصل من الضرب يسمى : مالا ومجذورا ومربعا . 
والكعب : كل ما ضرب في مثله ثم ضرب مبلغه فيه ، والحاصل من الضربين يسمى مكعبا ، فالواحد جذره وكعبه الواحد . 
والأعداد ضربان . 
أحدهما : ما له جذر صحيح ينطق به  ، كالأربعة ، جذرها اثنان ، والتسعة ، جذرها ثلاثة ، والمائة جذرها عشرة . 
والثاني : ما ليس له جذر ينطق به  ، وإنما يستخرج جذره بالتقريب ، كالعشرة والعشرين ، ويقال له : الأصم . 
وكذلك من الأعداد ما له كعب ينطق به كالثمانية ، كعبها اثنان ، والسبعة والعشرين ، كعبها ثلاثة . 
ومنها ما ليس له كعب ينطق به ، كالعشرة والمائة ، وإنما يستخرج كعبه بالتقريب ، وقد يكون العدد منطوقا بجذره وكعبه كالأربعة والستين ، جذرها ثمانية ، وكعبها أربعة . 
وقد يكون أصم في الجذر دون الكعب ، كالسبعة والعشرين . 
 [ ص: 249 ] أو في كعب دون الجذر ، كالأربعة والتسعة ، أو فيهما ، كالعشرة . 
إذا عرف ذلك ، فتعرض الوصية للجذر والكعب بفرض من وجوه . 
منها : الوصية بجذر المال . 
قال الأستاذ  وأبو منصور     : تفرض المسألة من عدد مجذور إذا أسقط منه جذره انقسم الباقي صحيحا على سهام الورثة . 
فإذا أوصى بجذر ماله وله ثلاثة بنين  ، فإن جعلت المال تسعة ، فللموصى له ثلاثة ، والباقي للبنين ، لكل ابن سهمان . 
وإن جعلته ستة عشر ، فللموصى له أربعة ، والباقي للبنين ، لكل ابن أربعة . 
ولو أوصى بكعب ماله    - والورثة هؤلاء - يجعل المال عددا مكعبا ، فإذا أسقط منه كعبه انقسم الباقي على سهام الورثة بلا كسر . 
فإن جعلت المال ثمانية ، فاثنان للموصى له ، والباقي للبنين . 
وإن جعلته سبعة وعشرين ، فثلاثة للموصى له ، والباقي للبنين . 
هذا كلام الأستاذ ، وتعجب الإمام من إرساله الكلام هكذا ، لاستحالة أن يكون الأمر في ذلك على التخيير ، والفرض كيف شاء الفارض ، فإن الأقدار تختلف باختلاف العدد المفروض . 
فإذا كان المال تسعة ، فالجذر ثلاثة . 
وإذا كان ستة عشر ، فالجذر أربعة . 
وفيه إشكال آخر ، وهو أن كل عدد مجذور ، إلا أن من الأعداد ما ينطق بجذره ، ومنها ما لا ينطق ، كما سبق ، وليس في اللفظ إلا جذر المال ، فلم حمل على مجذور صحيح ؟ ولم شرط أن ينقسم الباقي صحيحا على الورثة ؟ فإذا كلام الأستاذ على ما ذكره الإمام ، محمول على ما إذا قيد الموصي وصيته بما يقتضي الحمل على عدد معين من الأعداد المجذورة . 
فإذا قال : نزلوا مالي على أول مجذور صحيح إذا طرح جذره انقسم الباقي على سهام ورثتي بلا كسر ، تعين الحمل على الصورة المذكورة على تسعة ، وكانت الوصية بثلث المال . 
وإن عين مرتبة أخرى ، تعينت . 
قال الإمام : فإن أطلق الوصية بالجذر  ، ولم يقيد بشيء من ذلك ، لكن أراد بالجذر ما يريده الحساب ، فإن كان ماله مقدرا بكيل ، أو وزن ، أو ذرع ، كالأرض ،   [ ص: 250 ] أو عدد ، كالجوز ، نزل عليه . 
ثم إن كان جذره مما ينطق به ، فذاك ، وإلا ، فالقدر المتيقن يسلم للموصى له ، والقدر المشكوك فيه ، يفصل أمره بالتراضي . 
وإن لم يكن المال مقدرا بشيء من ذلك ، كعبد وجارية ، قوم ودفع جذر القيمة إلى الموصى له . 
ومنها : الوصية بجذر النصيب    . 
فلو أوصى وله ثلاثة بنين بجذر نصيب أحدهم ، قال الأستاذ : يجعل نصيب كل ابن عددا مجذورا ، ثم يجمع أنصباء البنين ، ويزاد عليها جذر نصيب أحدهم ، فما بلغ صحت منه القسمة . 
فإن جعلنا نصيب كل ابن واحدا ، فأنصباؤهم ثلاثة ، تزيد عليها واحدا ، تبلغ أربعة تصح منها القسمة . 
وإن جعلنا النصيب أربعة ، فأنصباؤهم اثنا عشر ، تزيد عليها اثنين ، تبلغ أربعة عشر تصح منها القسمة . 
ولو أوصى بجذري نصيب أحدهم ، وفرضنا النصيب أربعة ، فأنصباؤهم اثنا عشر ، تزيد عليها جذري النصيب ، تبلغ ستة عشر منها تصح القسمة . 
ولو أوصى بكعب نصيب أحدهم ، جعلنا النصيب مكعبا ، وجمعنا الأنصباء ، وزدنا عليها كعب نصيب . 
قال الإمام : وليكن هذا الجواب فيما إذا تقيدت الوصية كما ذكرنا ، أو فيما إذا قال السائل : كيف يصور عدد تصح منه الوصية والميراث ؟ فيجاب بأنه يمكن فيه وجوه . 
منها : كيت وكيت . 
أما إذا أطلق الوصية بجذر النصيب  ، فذكر فيه احتمالين . 
أظهرهما : أنه ينظر في حصة ابن من التركة ، فيؤخذ جذره منطوقا به أو أصم ، كما ذكرنا في جذر جميع المال ، فيزاد على مسألة الورثة . 
والثاني : أنه ينظر في نصيب كل واحد من سهام المسألة ، فيؤخذ جذره ، ويزاد على مسألة الورثة . 
وعلى هذا ، فنصيب كل ابن هنا واحد ، فيزاد على السهام الثلاثة واحد ، ويصير الحكم كما لو أوصى بنصيب أحدهم . 
 [ ص: 251 ] ومنها : الوصية بجذر النصيب وجذر المال معا ، فلو أوصى وله ثلاثة بنين بجذر نصيب أحدهم لزيد ، وأوصى لعمرو بجذر جميع المال ، فالمفهوم من كلام الأستاذ أن يقال : إذا كانت وصية زيد جذر نصيب ابن ، فنصيب كل ابن مال ، ثم يجعل المال أموالا لها جذور صحيحة . 
فإن شئت جعلتها أربعة أموال ، فتكون وصية عمرو جذرين ، كما أن جذر أربعة من العدد اثنان ، فتكون الوصيتان ثلاثة أجذار ، وتسقطها من المال ، يبقى أربعة أموال إلا ثلاثة أجذار تعدل أنصباء الورثة وهي ثلاثة أموال ، فتجبر وتقابل ، فأربعة أموال تعدل ثلاثة أموال وثلاثة أجذار ، تسقط الجنس بالجنس ، فمال يعدل ثلاثة أجذار ، فالجذر ثلاثة ، والمال تسعة ، وتقدير الكلام : مال يعدل ثلاثة أجذاره ، وحينئذ فالتركة ستة وثلاثون ؛ لأنها أربعة أموال ، ونصيب كل ابن تسعة ، يأخذ زيد جذر النصيب وهو ثلاثة ، وعمرو جذر المال وهو ستة ، يبقى سبعة وعشرون للبنين . 
قال الإمام : وهذه المسألة وضعية ، وطريق تطبيقها على الفقه على ما سبق . 
ومنها : الوصية بالجذر والنصيب    . 
فإذا أوصى وله ثلاثة بنين بمثل نصيب أحدهم لزيد ، ولعمرو بجذر المال ، يقدر كأن البنين أربعة وأوصى بجذر المال وحده ، وقد بان طريقه . 
ومنها : الوصية بالجزاء والنصيب مع استثناء الجذر منها    . 
مثاله : أوصى وله ثلاثة بنين بثلث ماله إلا جذر جميع المال ، تدفع إلى الموصى له ثلث المال ، وتسترجع جذرا ، فيكون معك ثلثا مال وجذر تعدل أنصباء الورثة وهي ثلاثة ، فتجعل المال عددا له ثلث صحيح ، بشرط أن ينقسم ثلثاه مزيدا عليه جذره على ثلاثة ، وليكن ذلك ستة وثلاثين ، فتدفع ثلثها إلى الموصى له ، وتسترجع منه جذر المال وهو ستة ، يبقى عنده ستة ، فقد أخذ ثلث المال إلا جذر [ المال ] ،   [ ص: 252 ] يبقى ثلاثون للبنين . 
ولو أوصى بمثل نصيب أحدهم إلا جذر جميع المال ، فخذ مالا ، وأسقط منه نصيبا ، واسترجع من النصيب جذر المال ، يبقى مال وجذر إلا نصيبا تعدل أنصباء البنين ، فتجبر وتقابل ، فمال وجذر تعدل أربعة أنصباء ، فتجعل المال عددا مجذورا إذا زيد عليه جذره انقسم على أربعة ، وليكن ستة عشر ، إذا زيد عليه جذره كان عشرين ، إذا قسم على أربعة ، خرج من القسمة خمسة ، فإذا نقصت من النصيب جذر المال ، بقي واحد تدفعه إلى الموصى له ، يبقى خمسة عشر للبنين . 
ولو أوصى بمثل نصيب أحدهم إلا جذر نصيب أحدهم ، فالنصيب عدد مجذور . 
فإن جعلته أربعة ، فالوصية اثنان ، والأنصباء اثنا عشر ، وجملة المال أربعة عشر ، إذا دفعت إلى الموصى له اثنين فقد أخذ مثل نصيب أحدهم إلا جذر نصيب أحدهم ، وإن جعلته تسعة ، فالأنصباء سبعة وعشرون ، والوصية ستة . 
ومنها : الوصية بالجذور المضافة إلى الجذور    . 
مثاله : ثلاثة بنين ، أوصى لزيد بجذر نصيب أحدهم ، ولعمرو بجذر وصية زيد ، ولبكر بجذر وصية عمرو ، فاجعل وصية بكر ما شئت من الأعداد ، فإن جعلته اثنين ، فوصية عمرو أربعة ، ووصية زيد ستة عشر ، ونصيب كل ابن مائتان وستة وخمسون ، وجملة المال سبعمائة وتسعون . 
ومنها : الوصية الجامعة بين الجذر والتكملة    . 
مثاله : أوصى بتكملة ثلث ماله بجذر نصيب أحدهم ، تجعل ثلث المال مالا وجذرا ، وتدفع المال إلى الموصى له ، يبقى جذره ، تزيده على ثلثي المال ، يبلغ مالين وثلاثة أجذار وذلك يعدل أنصباء البنين وهي ثلاثة أموال ، فتسقط مالين بمالين ، يبقى ثلاثة أجذار في معادلة مال ، فالجذر ثلاثة ، والمال تسعة ، فثلث المال   [ ص: 253 ] اثنا عشر ، والوصية تسعة ، تسقطها من المال ، يبقى سبعة وعشرون للبنين ، وقد أخذ الموصى له ثلث المال إلا جذر نصيب أحدهم . 
				
						
						
