الطرف الثالث : في السلب    . 
هو للقتال ، والكلام في سبب استحقاقه ومستحقه ونفسه وكيفية إخراجه من الغنيمة . أما سبب استحقاقه  ، فقال في ( ( الوسيط ) ) في ضبطه : هو ركوب الغرر في قهر كافر مقبل على القتال بما يكفي شره بالكلية ، وفيه قيود : 
أحدها : ركوب الغرر . فلو رمى من حصن أو من وراء الصف كافرا ، وقتله ، لم يستحق سلبه ، وكذا لو رمى من صف المسلمين إلى صف الكفار ، فقتل رجلا . 
 [ ص: 373 ]   [ القيد ] الثاني : إقبال الكافر على القتال ، وليس المراد اشتغاله بالقتال حين قتله ؛ لأنهما لو تقاتلا زمانا ثم هرب فقتله المسلم في إدباره ، قال الأصحاب : استحق سلبه . ولا يشترط أيضا أن تكون مقاتلته مع قاتله ، بل لو قصد كافر مسلما ، فجاء مسلم آخر من ورائه فقتله ، استحق سلبه ، بل المرعي ما ذكره أصحابنا العراقيون ، أن يقتله مقبلا أو مدبرا والحرب قائمة ، فأما إذا انهزم جيش الكفار فاتبعهم فقتل كافرا  ، فلا يستحق سلبه ؛ لأن بهزيمتهم اندفع شرهم ، وما دامت الحرب قائمة فالشر متوقع ، والمولي لا تؤمن كرته . ولو قتل كافرا وهو أسير في يده ، أو نائم ، أو مشغول بأكل أو نحوه  ، أو مثخن زائل الامتناع ، لم يستحق سلبه . 
القيد الثالث : قهره بما يكفي شره بالكلية    [ بقتل ] ، أو إثخان ، أو إزالة امتناع ، بأن يعميه ، أو يقطع يديه ورجليه . ولا يلحق به قطع يد أو رجل . فلو قطع يديه أو رجليه ، أو يدا ورجلا ، فهو إثخان على الأظهر ، وهو رواية  المزني  ، وبه قطع جماعة . ولو اشترك جماعة في قتله أو إثخانه  ، فالسلب لهم . وفي وجه : أنه لو وقع بين جماعة لا يرجى نجاته منهم ، لم يختص قاتله بسلبه ؛ لأنه زال شره بالوقوع بينهم . 
قال   أبو الفرج الزاز     : لو أمسكه واحد وقتله آخر ، فالسلب بينهما ؛ لاندفاع شره بهما ، وكأن هذا فيما إذا منعه الهرب ولم يضبطه . فأما الإمساك الضابط ، فإنه أسر ، وقتل الأسير لا يستحق به السلب . 
ولو أثخنه ، فقتله آخر  ، فالسلب للمثخن . ولو جرحه فلم يثخنه ، فقتله آخر ، فالسلب للثاني . ولو أسره ، ففي استحقاقه سلبه قولان . أحدهما : لا ؛ لأنه لم يدفع كل شره . وأظهرهما : نعم ؛ لأنه أصعب من القتل وأبلغ في القهر ، ولأن الإمام يتمكن فيه من القتل وغيره . ثم الإمام يتخير في الأسير الذي ليس من الذرية بين القتل والاسترقاق والمن والفداء كما يأتي إن شاء الله تعالى . فإن أرقه ، فهل لمن أسره رقبته ؟   [ ص: 374 ] أو فاداه ، هل له مال الفداء ؟ اطرد فيه القولان . وقيل : وجهان . ويشبه أن يكون الأظهر هنا المنع ؛ لأن اسم السلب لا يقع عليه . 
فرع 
لو كان الكافر المقتول امرأة أو صبيا  ، إن كان لا يقاتل ، لم يستحق سلبه ؛ لأن قتله حرام ، وإن كان يقاتل ، استحق سلبه على الأصح ، والعبد كالصبي . وقيل : بالاستحقاق قطعا . 
				
						
						
