الطرف الثاني : في كيفية المطالبة ، ، وما لم تطلب ، لا يؤمر الزوج بشيء ، ولا يسقط حقها بالتأخير . ولو تركت حقها ورضيت ، ثم بدا لها ، فلها العود إلى المطالبة ما لم تنقض مدة اليمين ، لأن الضرر متجدد [ ص: 254 ] وتختص المطالبة بالزوجة ، فليس لولي المراهقة والمجنونة المطالبة ، وحسن أن يقول الحاكم للزوج : اتق الله بالفيأة أو الطلاق ، وإنما يضيق عليه إذا بلغت أو أفاقت وطلبت ، وليس لسيد الأمة أيضا مطالبة ، لأن الاستمتاع حقها . فلها المطالبة بأن يفيء أو يطلق
فرع
إذا ، نظر أهو فيها ، أم في الزوج ؟ فإن كان فيها ، بأن كانت مريضة لا يمكن وطؤها ، أو محبوسة لا يمكنه الوصول إليها ، أو حائضا أو نفساء ، أو محرمة ، أو صائمة ، أو معتكفة عن فرض ، لم يثبت لها المطالبة بالفيأة لا فعلا ولا قولا ، لأنه معذور . وإن وجد مانع من الجماع بعد مضي المدة المحسوبة ، فهو طبعي وشرعي ، فالطبعي بأن يكون مريضا لا يقدر على الوطء ، أو يخاف منه زيادة العلة ، أو بطء البرء ، فيطالب بالفيأة باللسان ، أو بالطلاق إن لم يفئ ، والفيأة باللسان أن يقول : إذا قدرت فئت . واعتبر كان المانع فيه أن يقول مع ذلك : ندمت على ما فعلت ، وإذا استمهل الفيأة باللسان ، لم يمهله بحال ، فإن الوعد هين متيسر ، ثم إذا زال المانع ، يطالب [ بالفيأة ] بالوطء أو بالطلاق ، تحقيقا لفيأة اللسان ، ولا يحتاج هذا الطلب إلى استئناف مدة ، وإن كان محبوسا ظلما ، فكالمريض ، وإن حبس في دين يقدر على أدائه ، أمر بالأداء أو الفيأة بالوطء ، أو الطلاق ، وأما الشرعي ، فكالصوم والإحرام والظهار قبل التكفير ، ففيه طريقان . الشيخ أبو حامد
المذهب منهما ، أنه مبني على أن الزوج لو أراد وطئها وهناك مانع شرعي ، هل يلزمها التمكين ؟ وفيه تفصيل حاصله [ أنه ] إن كان المانع يتعلق بهما كالطلاق الرجعي ، أو يختص بها كالحيض والصوم والإحرام ، لم يلزمها ، بل يحرم عليها التمكين ، وإن اختص به كصومه وإحرامه ، فوجهان .
أحدهما : يلزمها التمكين ، لأنه لا مانع فيها ، وليس لها منع ما عليها من الحق . وأصحهما : المنع ، لأنه موافقة على الحرام وإعانة عليه . وإن كان التحريم بسبب الظهار ، فهل هو كالطلاق الرجعي ، أم كصومه ؟ وجهان . فإذا قلنا : يجوز التمكين ، فلها المطالبة [ ص: 255 ] بالوطء أو الطلاق . فإن ، سقط حقها من الطلب ، وإن قلنا : بالمنع ، فوجهان ، أحدهما : يقنع منه بفيأة اللسان ، وأصحهما وبه قطع أراد الوطء فامتنعت ابن الصباغ : يطالب بالطلاق إزالة للضرر عنها ، بخلاف المانع الطبعي ، لأن الوطء هناك متعذر ، وهنا ممكن ، وهو المضيق على نفسه .
والطريق الثاني : أن يقال له : ورطت نفسك بالإيلاء ، فإن وطئت عصيت وفسدت عبادتك ، وإن لم تطأ ، ولم تطلق ، طلقناها عليك ، كمن غصب دجاجة ولؤلؤة فابتلعتها ، يقال له : إن ذبحتها غرمتها ، وإلا غرمت اللؤلؤة .
ولو قال في صورة الظهار : أمهلوني حتى أكفر ، نظر إن كان يكفر بالصوم ، لم يمهل ، وإن كان بالعتق والطعام ، فعن أبي إسحاق : يمهل ثلاثة أيام . وفي " التهذيب " : يوما أو نصف يوم ، ويمكن أن يكون بحسب تيسر المقصود ، وهذا إذا لم تطل مدة الإمهال .
فإن طالت لفقد الرقبة أو مصرف الطعام ، لم يمهل ، كذا قاله المتولي . وعلى كل حال ، لو وطئ مع التحريم ، خرج عن موجب الإيلاء ، واندفعت المطالبة .