فصل في أوقات النوافل الراتبة 
وهي ضربان : أحدهما : راتبة تسبق الفريضة فيدخل وقتها بدخول وقت الفريضة ، ويبقى جوازها ما بقي وقت الفريضة . ووقت اختيارها ما قبل الفريضة . ولنا وجه شاذ : أن سنة الصبح يبقى وقت أدائها  إلى زوال الشمس . 
الضرب الثاني : الرواتب التي بعد الفريضة ، ويدخل وقتها بفعل الفريضة ، ويخرج بخروج وقتها . ولنا قول شاذ : أن الوتر يبقى أداء إلى أن يصلي الصبح    . والمشهور : أنه يخرج بطلوع الفجر . 
فرع 
النافلة قسمان . أحدهما : غير مؤقتة ، وإنما تفعل لسبب عارض ، كصلاة الكسوفين ، والاستسقاء ، وتحية المسجد . وهذا لا مدخل للقضاء فيه    . والثاني : مؤقتة ، كالعيد ، والضحى ، والرواتب التابعة للفرائض . وفي قضائها أقوال . وأظهرها : تقضى . والثاني : لا . والثالث : ما استقل ، كالعيد ، والضحى ، قضي . وما كان تبعا كالرواتب ، فلا . وإذا قلنا : تقضى ، فالمشهور أنها تقضى أبدا . والثاني : تقضى صلاة النهار . ما لم تغرب شمسه ، وفائت الليل ما لم يطلع   [ ص: 338 ] فجره . فيقضي ركعتي الفجر ما دام النهار باقيا . والثالث : يقضي كل تابع ما لم يصل فريضة مستقبلة ، فيقضي الوتر ما لم يصل الصبح ، ويقضي سنة الصبح ما لم يصل الظهر ، والباقي على هذا المثال . وقيل : على هذا الاعتبار ، بدخول وقت المستقبلة ، لا بفعلها . 
قلت : يستحب عندنا فعل الرواتب ، في السفر  ، كالحضر . والسنة : أن يضطجع بعد سنة الفجر قبل الفريضة    . فإن لم يفعل ، فصل بينهما ، لحديث عن عائشة  رضي الله عنها ، ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى سنة الفجر ، فإن كنت مستيقظة ، حدثني ، وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة   ) رواه   البخاري     . والسنة أن يخفف السورة فيهما . ففي ( صحيح  مسلم     ) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأولى بعد الفاتحة ، ( قولوا آمنا بالله    . . . ) . الآيات . وفي الثانية : ( قل يا أهل الكتاب تعالوا    . . . ) 
وفي رواية : أنه قرأ في الأولى : ( قل يا أيها الكافرون    ) . وفي الثانية : ( قل هو الله أحد    ) فكلاهما سنة   . ونص في ( البويطي ) على الثانية . وفي سنة المغرب : ( قل يا أيها الكافرون    ) و ( قل هو الله أحد    ) . وكذا في ركعتي الاستخارة ، وتحية المسجد . وتطوع الليل أفضل من تطوع النهار    . فإن أراد أحد نصفي الليل ، فالنصف الثاني أفضل ، وإن أراد أحد الثلاثة ، فالأوسط ، وأفضل منه السدس الرابع ، والخامس . ثبت ذلك في ( الصحيحين ) . 
ويكره قيام الليل كله دائما  ، وينبغي أن لا يخل بصلاة في الليل  وإن قلت . 
والنفل في البيت أفضل من المسجد  ، كما قدمناه . 
ويستحب لمن قام لتهجد ، أن يوقظ له من يطمع بتهجده إذا لم يخف ضررا    . ويستحب المحافظة على الركعتين في المسجد ، إذا قدم من سفر  ، للأحاديث الصحيحة في كل ذلك . والله أعلم . 
				
						
						
