فصل
طلق زوجته وهجرها ، أو غاب عنها ، انقضت عدتها بمضي الأقراء أو الأشهر . فلو لم يهجرها ، بل كان يطؤها ، فإن كان الطلاق بائنا ، لم يمنع ذلك انقضاء العدة ، لأنه وطء زنا لا حرمة له ، وإن كان رجعيا ، قال المتولي : لا تشرع في العدة ما دام يطؤها ، لأن العدة لبراءة الرحم وهي مشغولة .
وإن كان لا يطؤها ، ولكن يخالطها ويعاشرها معاشرة الأزواج ، فثلاثة أوجه . أحدها : لا تحسب تلك المدة من العدة ، لأنها شبيهة بالزوجات دون المطلقات المهجورات . والثاني : تحسب ، لأن هذه المخالطة لا توجب عدة ، فلا تمنعها ، حكاه عن المحققين . والثالث وهو الأصح ، وبه أخذ الأئمة ، منهم الغزالي القفال [ ص: 395 ] والقاضي حسين ، والبغوي في " التهذيب " و " الفتاوى " ، في الحلية : إن كان الطلاق بائنا ، حسبت مدة المعاشرة من العدة . وإن كان رجعيا ، فلا ، لأن مخالطة البائن محرمة بلا شبهة ، فأشبهت الزنا بها . وفي الرجعية الشبهة قائمة ، وهو بالمخالطة مستفرش لها ، فلا يحسب زمن الاستفراش من العدة ، كما لو نكحت في العدة زوجا جاهلا بالحال ، لا يحسب زمن استفراشه . والروياني
ثم يتعلق بالمسألة فرعان . أحدهما : قال البغوي في " الفتاوى " : الذي عندي ، أنه لا رجعة للزوج بعد انقضاء الأقراء ، وإن لم تنقض العدة عملا بالاحتياط في الجانبين . وفي فتاوى القفال ما يوافق هذا ، وأما لحوق الطلقة الثانية والثالثة ، فيستمر إلى انقضاء العدة عملا بالاحتياط أيضا ، وقد صرح به الروياني في الحلية . الثاني : قال في البسيط : يكفي في الحكم بالمعاشرة الخلوة ، ولا يكفي دخول دار هي فيها ، ولا يشترط تواصل الخلوة ، بل يكفي أن يخلو بها الليالي ، ويفارقها الأيام كما هو المعتاد بين الزوجين . فلو طالبت المفارقة ، ثم جرت خلوة ، ففي البناء على ما مضى احتمالان . أشبههما : البناء ، وأجرى الخلاف المذكور في الأصل فيما لو طلق زوجته الأمة فعاشرها السيد ، هل تمنع من الاحتساب بالعدة ؟ قال البغوي في " الفتاوى " : ولو طلق زوجته ثلاثا ونكحها في العدة على ظن أن عدتها انقضت وحلت ، فينبغي أن يقال : زمن استفراشها لا يحسب من العدة كالرجعية ، وأما إذا خالط المعتدة أجنبي عالما ، فلا يؤثر ، كما لا يؤثر وطؤه . وإن خالط بشبهة ، فيجوز أن يمنع من الاحتساب ، كما سبق أنها في زمن الوطء بالشبهة خارجة عن العدة .
وجميع ما ذكرناه ، فيما إذا كانت حائلا ، فأما المعتدة بالحمل ، فلا شك أن معاشرتها لا تمنع انقضاء العدة بالوضع .
فرع
سبق أنه إذا ، لم يحسب زمن استفراشه إياها عن عدة الطلاق . ومن أي وقت يحكم بانقضاء العدة ؟ فيه أربعة أوجه . [ ص: 396 ] أصحها : من وقت الوطء ، لأن النكاح الفاسد لا حرمة له . والثاني : من حين يخلو بها ويعاشرها ، وإن لم يطأ . والثالث : من وقت العقد إن اتصل به زفاف ، وإلا فلا . والرابع : من وقت العقد وإن لم يتصل به زفاف ، وبه قال نكح معتدة على ظن الصحة ، ووطئها ، لأنها بالعقد معرضة عن العدة . القفال الشاشي
فرع
من ، لم تحرم عليه على التأبيد ، هذا هو المذهب ونصه في الجديد . وعن القديم : أنها تحرم أبدا ، ومنهم من أنكر القديم . وذكر الذين أثبتوه وجهين في أن التحريم المؤبد يشترط فيه تفريط الحاكم كاللعان ، أم لا ، كالإرضاع ؟ ونقل نكح معتدة من غيره جاهلا ووطئها الروياني إجراء القديم في كل وطء يفسد النسب ، كوطء زوجة الغير ، أو أمته بالشبهة .