فرع
إذا ، فهو تبع للولد ، فإن لحق الولد أحدهما لانحصار الإمكان فيه ، فالرضيع ولده من الرضاع ، وإن لم يلحق واحدا منهما لامتناع الإمكان ، فالرضيع مقطوع عنهما ، وإن تحقق الإمكان فيهما ، [ ص: 17 ] عرض الولد على القائف ، فبأيهما ألحقه ، تبعه الرضيع ، فإن لم يكن قائف ، أو نفاه عنهما ، أو أشكل ، توقفنا حتى يبلغ المولود ، فينتسب إلى أحدهما ، فإن بلغ مجنونا ، صبرنا حتى يفيق ، فإذا انتسب ، تبعه الرضيع ، فإن مات قبل الانتساب وكان له ولد قام مقامه في الانتساب ، فإن كان له أولاد فانتسب بعضهم إلى هذا ، وبعضهم إلى هذا ، استمر الإشكال ، فإن لم يكن له ولد وبقي الاشتباه ، ففي الرضيع قولان ، أحدهما : أنه ابنهما جميعا ، ويجوز أن يكون لواحد آباء من الرضاع بخلاف النسب ، وأظهرهما : لا يكون ابنهما ، لأنه تابع للولد ، فعلى الأول هل يكفي خمس رضعات ، أم يحتاج إلى عشر ؟ وجهان خرجهما وطئت منكوحة بشبهة ، أو وطئ رجلان امرأة بشبهة ، أو نكح رجل امرأة في العدة جاهلا ، وأتت بولد ، وأرضعت باللبن النازل عليه طفلا الداركي ، وذكر في " البسيط " أن معنى هذا القول على ضعفه إثبات أبوتهما ظاهرا دون الباطن ، وهذا خلاف ما قاله الأصحاب ، وإن كان القول ضعيفا بالاتفاق . وإذا قلنا بالأظهر ، فهل للرضيع أن ينتسب بنفسه ؟ قولان نص عليهما في " الأم " أحدهما : لا كما لا يعرض على القائف ، وأظهرهما : نعم كما للمولود . والرضاع يؤثر في الأخلاق بخلاف العرض على القائف ، فإن معظم اعتماده على الأشباه الظاهرة دون الأخلاق مع أن نقل عن ابن كج والقاضي ابن القطان أبي حامد وجهين في العرض على القائف وهو غريب ، فإن قلنا : له الانتساب ، فهل يجبر عليه كما يجبر المولود ؟ وجهان ، وقيل : قولان ، أصحهما : لا ، والفرق أن النسب تتعلق به حقوق له وعليه ، كالميراث والعتق والشهادة وغيرها ، فلا بد من رفع الإشكال ، والذي يتعلق بالرضاع حرمة النكاح ، والامتناع منه سهل . وإذا انتسب إلى أحدهما ، كان ابنه ، وانقطع عن الآخر ، فله نكاح بنته ، ولا يخفى الورع ، وإن لم ينتسب ، أو قلنا : ليس له الانتساب ، فليس له أن ينكح بنتيهما جميعا ، لأن إحداهما أخته ، وفي " الحاوي " وجه ؛ أنه يجوز ويحكم بانقطاع [ ص: 18 ] الأبوة عنهما ، وهذا غلط . وهل له أن ينكح بنت أحدهما ؟ وجهان : أصحهما : لا لأن إحداهما أخته ، فأشبه ما إذا اختلطت أخته بأجنبية . والثاني : يجوز وهو ظاهر ما نقله المزني ، لأن الأصل الحل في كل واحدة ، فصار كما لو اشتبه ماء طاهر بنجس بخلاف الأخت والأجنبية ، فإن الأصل في الأخت التحريم ، فصار كاشتباه الماء بالبول ، فإنه يعرض عنهما ، فإن جوزنا نكاح إحداهما فالصحيح الذي قطع به الجمهور أنه لا يحتاج إلى اجتهاد بخلاف الأواني المشتبهة ، فإن فيها علامات ظاهرة ، وذكر الفوراني أنه يجتهد في الرجلين أيهما الأب ، ثم ينكح بنت من لا يراه أبا ، وإذا نكح واحدة ، ثم فارقها ، فهل له نكاح الأخرى ؟ وجهان ، قال أبو إسحاق : نعم ، لأن التحريم غير متعين ، فصار كمن صلى بالاجتهاد إلى جهة يجوز أن يصلي إلى جهة أخرى باجتهاد آخر . وقال : لا يجوز ، واختاره القاضي ابن أبي هريرة أبو الطيب كالأواني .