فصل 
لا رخصة في ترك الجماعة  ، سواء قلنا سنة ، أو فرض كفاية إلا من عذر عام أو خاص ، فمن العام : المطر  ليلا كان أو نهارا . ومنه الريح العاصفة  في الليل دون النهار . وبعض الأصحاب يقول : الريح العاصفة في الليلة المظلمة ، وليس   [ ص: 345 ] ذلك على سبيل اشتراط الظلمة . ومنه الوحل الشديد  وسيأتي في الجمعة إن شاء الله تعالى . ومنه ، السموم ، وشدة الحر في الظهر . فإن أقاموا الجماعة ولم يبردوا ، أو أبردوا ، أو بقي الحر الشديد ، فله التخلف عن الجماعة . ومنه شدة البرد  سواء في الليل والنهار . 
ومن الأعذار الخاصة : المرض  ، ولا يشترط بلوغه حدا يسقط القيام في الفريضة ، بل يعتبر أن يلحقه مشقة كمشقة الماشي في المطر . 
ومنها : أن يكون ممرضا ، ويأتي تفصيله في ( الجمعة ) إن شاء الله تعالى . 
ومنها : أن يخاف على نفسه ، أو ماله ، أو على من يلزمه الذب عنه من سلطان ، أو غيره ، ممن يظلمه ، أو يخاف من غريم يحبسه ، أو يلازمه وهو معسر ، فله التخلف . ولا عبرة بالخوف ممن يطالبه بحق هو ظالم في منعه ، بل عليه الحضور ويوفيه ذلك الحق . ويدخل في الخوف على المال ، ما إذا كان خبزه في التنور ، أو قدره على النار ، وليس هناك من يتعهدهما . 
ومنها : أن يكون عليه قصاص لو ظفر به المستحق لقتله ، وكان يرجو العفو مجانا ، أو على مال لو غيب وجهه أياما ، فله التخلف بذلك . وفي معناه حد القذف دون حد الزنا ، وما لا يقبل العفو . واستشكل إمام الحرمين جواز التغيب لمن عليه قصاص . 
ومنها : أن يدافع أحد الأخبثين أو الريح . وتكره الصلاة في هذه الحال ، بل يستحب أن يفرغ نفسه ، ثم يصلي وإن فاتت الجماعة . فلو خاف فوت الوقت ، فوجهان . أصحهما : يقدم الصلاة . والثاني : الأولى أن يقضي حاجته وإن فات الوقت ، ثم يقضي . ولنا وجه شاذ : أنه إذا ضاق عليه الأمر بالمدافعة ، وسلبت خشوعه ، بطلت صلاته . قاله  الشيخ أبو زيد  ،  والقاضي حسين     . 
ومنها : أن يكون به جوع ، أو عطش شديد ، وحضر الطعام والشراب  ،   [ ص: 346 ] وتاقت نفسه إليه ، فيبدأ بالأكل والشرب . قال الأصحاب : وليس المراد أن يستوفي الشبع ، بل يأكل لقما يكسر حدة جوعه . إلا أن يكون الطعام مما يؤتى عليه مرة واحدة ، كالسويق ، واللبن . فإن خاف فوت الوقت لو اشتغل ، فوجهان ، كمدافعة الأخبثين . 
ومنها : أن يكون عاريا لا لباس له  ، فيعذر في التخلف ، سواء وجد ما يستر العورة ، أم لا . 
ومنها : أن يريد السفر وترتحل الرفقة    . 
ومنها : أن يكون ناشد ضالة يرجو الظفر ، إن ترك الجماعة ، أو وجد من غصب ماله ، وأراد استرداده منه . 
ومنها : أن يكون أكل بصلا أو كراثا أو نحوهما ، ولم يمكنه إزالة الرائحة بغسل ومعالجة ، فإن كان مطبوخا فلا . 
ومنها : غلبة النوم . 
قلت : أما الثلج ، فإن بل الثوب فعذر ، وإلا فلا . قال في ( الحاوي ) : والزلزلة عذر . والله أعلم . 
				
						
						
