فصل
يجب ، وفي وجه ذكره على الأم أن ترضع ولدها اللبأ ، ولها أن تأخذ عليه الأجرة إن كان لمثله أجرة الماوردي : لا أجرة لها ، لأنه متعين عليها ، والصحيح الأول ، كما يلزم بذل الطعام للمضطر ببدله ، ثم إن لم يوجد بعد سقي اللبأ مرضعة غيرها ، لزمها الإرضاع ، وكذا لو لم يوجد إلا أجنبية ، لزمها الإرضاع ، وإن وجد غيرها وامتنعت الأم من الإرضاع ، لم تجبر ، سواء كانت في نكاح الأب أم بائنة ، وسواء كانت ممن يرضع مثلها الولد في العادة أم لا .
وإن رغبت الأم في الإرضاع ، فلها حالان :
أحدهما : أن تكون في نكاح أبي الرضيع ، فهل له منعها من إرضاعه ؟ وجهان : أحدهما : لا ، لأن فيه إضرارا بالولد ، وأصحهما : نعم ، لأنه يستحق الاستمتاع بها في أوقات الإرضاع لكن يكره له المنع .
قلت : الأول أصح ، وممن صححه البغوي في " الحلية " وقطع به والروياني الدارمي والقاضي أبو الطيب في " المجرد " والمحاملي والفوراني وصاحب " التنبيه " والجرجاني . والله أعلم .
فإن قلنا : ليس له المنع ، أو توافقا على الإرضاع ، فإن كانت متبرعة فذاك ، وهل تزاد نفقتها للإرضاع ؟ وجهان : أحدهما قاله [ ص: 89 ] أبو إسحاق والإصطخري : نعم ، ويجتهد الحاكم في قدر الزيادة ، لأنها تحتاج في الإرضاع إلى زيادة الغذاء . وأصحهما : لا ، لأن قدر النفقة لا يختلف بحال المرأة وحاجتها ، وإن طلبت أجرة ، بني على أن ؟ فيه وجهان ذكرناهما في الإجارة ، قال العراقيون : لا يجوز ، وأصحهما : الجواز ، فعلى هذا حكمها إذا طلبت الأجرة حكم البائن إذا طلبت الإرضاع بأجرة ، وسنذكره - إن شاء الله تعالى - . وإذا أرضعت بالأجرة ، فإن كان الإرضاع لا يمنع من الاستمتاع ولا ينقصه فلها مع الأجرة النفقة ، وإن كان يمنع أو ينقص فلا نفقة لها ، كذا ذكره الزوج هل له استئجار زوجته لإرضاع ولده البغوي وغيره ، ويشبه أن يجيء فيه الخلاف فيما لو سافرت لحاجتها بإذنه ، وإن قلنا : لا يجوز الاستئجار ، وأرضعت على طمع الأجرة ، ففي استحقاقها أجرة المثل وجهان ، قال : تستحق ، لأنها لم تبذل منفعتها مجانا ، وقال الجمهور : لا تستحق . ابن خيران
الحال الثاني : أن تكون مفارقة ، فإن تبرعت بالإرضاع ، لم يكن للأب المنع ، وإن طلبت أجرة ، نظر ، إن طلبت أكثر من أجرة المثل ، لم يلزمه الإجابة ، وكان له استرضاع أجنبية بأجرة المثل ، وإن طلبت أجرة المثل ، فهي أولى من الأجنبية بأجرة المثل ، فإن وجد أجنبية تتبرع ، أو ترضى بدون أجرة المثل ، فهل للأب انتزاع الولد منها ؟ فيه طريقان : أشهرهما على قولين : أظهرهما : له الانتزاع . والطريق الثاني : له الانتزاع قطعا ، وبه قال ابن سريج ، وأبو إسحاق ، ، وابن أبي هريرة والإصطخري ، فعلى المذهب لو اختلفا ، فقال الأب : أجد متبرعة ، وأنكرت ، فهو المصدق بيمينه ، لأنها تدعي عليه أجرة ، الأصل عدمها ، ولأنه تشق عليه البينة ، وحيث أوجبنا الأجرة فهي في مال الطفل ، فإن لم يكن له مال ، فعلى الأب كالنفقة .