الباب الثالث في بيان الحكومات والجناية على الرقيق  
فيه طرفان : 
الأول في الحكومة : وهي جزء من الدية نسبته إليها نسبة ما تقتضيه الجناية من قيمة المجني عليه على تقدير تقويمه رقيقا ؛ فيقوم المجني عليه بصفاته التي هو عليها لو كان عبدا ، وينظر كم نقصت الجناية من قيمته ، فإن قوم بعشرة دون الجناية ، وبتسعة بعد الجناية ؛ فالتفاوت العشر ، فيجب عشر دية النفس ، وقيل : عشر دية العضو الذي جنى عليه ؛ والصواب الأول ؛ وبه قطع الجمهور ، وتكون الحكومة من جنس الإبل ، ثم إن كانت الجناية على عضو له أرش مقدر نظر ؛ إن لم تبلغ الحكومة أرش ذلك العضو ، وجبت بكمالها ، وإن بلغته ، نقص الحاكم شيئا منه بالاجتهاد . 
قال الإمام : ولا يكفي حط أقل ما يتمول فحكومة الأنملة العليا بجرحها ، أو قلع ظفرها ينقص عن أرش الأنملة ، والجناية على الأصبع  إذا أتت على طولها لا تبلغ حكومتها أرش الأصبع ، وعلى الرأس لا تبلغ حكومتها أرش الموضحة ، وعلى البطن لا تبلغ أرش الجائفة ، وحكومة جرح الكف  لا تبلغ دية الأصابع الخمس ، وكذا حكومة قطع الكف  التي لا أصبع عليها ، وكذا حكم القدم ، وهل يجوز أن تبلغ حكومة الكف دية أصبع ؟  وجهان : أصحهما : نعم ، لأن منفعتها دفعا واحتواء تزيد على منفعة أصبع . وكما   [ ص: 309 ] أن دية اليد الشلاء لا تبلغ دية اليد ، ويجوز أن تبلغ دية أصبع ، وأن تزيد عليها ، أما إذا كانت الجراحة على عضو ليس له أرش مقدر ، كالظهر والكتف والفخذ ، فيجوز أن تبلغ حكومتها دية عضو مقدر ، كاليد والرجل ، وأن تزاد عليه ، وإنما تنقص عن دية النفس . وعد  المتولي  والبغوي  من هذا القبيل الساعد والعضد ؛ فيجوز أن تبلغ حكومة جرح أحدهما دية الأصابع الخمس ، وأن يزاد عليها . وسوى   الغزالي  بينهما وبين الكف ، والأول أصح ؛ فإن الكف هي التي تتبع الأصابع دون الساعد والعضد . 
				
						
						
