الرابعة : يجوز ، وأن يستصحب المراهقين إذا كان فيهم جلادة وغناء في القتال ، وكذا لمصلحة سقي الماء ، ومداواة الجرحى ، ويستصحب النساء لمثل ذلك كما سبق . وفي جواز إحضار نساء أهل الذمة وصبيانهم قولان أحدهما : نعم ، كالمسلمين . والثاني : لا ، إذا كان لا قتال فيهم ولا رأي ولا يتبرك بحضورهم . الاستعانة بالعبد إذا أذن سيده
الخامسة : يمنع المخذل من الخروج في الجيش ، فإن خرج ، رده ، فلو قاتل ، لم يستحق شيئا ، ولو قتل كافرا ، لم يستحق سلبه ، والمخذل من يخوف الناس ، بأن يقول : عدونا كثير ، وخيولنا ضعيفة ، ولا طاقة لنا بهم ، ونحو ذلك ، وفي معناه المرجف والخائن ، فالمرجف : من يكثر الأراجيف ، بأن يقول : قتلت سرية كذا ، أو لحقهم مدد للعدو من جهة كذا ، أو لهم كمين في موضع كذا . والخائن : من يتجسس لهم ، ويطلعهم على العورات بالمكاتبة والمراسلة ، وحكى الروياني وجها ، أنه يسهم للمخذل إذا لم ينهه الإمام ، ووجها أنه يرضخ له ، والصحيح الذي قطع به الأصحاب ، لا سهم ولا رضخ مطلقا .
السادسة : لا يجوز أن يستأجر الإمام ولا أحد الرعية مسلما للجهاد ؛ لأنه إن لم يكن متعينا عليه ، فمتى حضر الصف ، تعين ، ولا يجوز أخذ أجرة عن فرض العين ، وعن الصيدلاني أنه يجوز للإمام أن يستأجره ، ويعطيه أجرة من سهم المصالح ، والصحيح الأول ، لكن الإمام يرغب في الجهاد ببذل الأهبة والسلاح من بيت المال ، أو من مال نفسه ، فينال ثواب الإعانة ، ويقع الجهاد عن المباشر ، وكذا إذا بذل أهبته واحد من الرعية من ماله ، قال الأصحاب : وما يدفع إلى المرتزقة [ ص: 241 ] من الفيء ، وإلى المطوعة من الصدقات حقوقهم المرتبة ، وليس أجرة ، وجهادهم واقع عنهم ، ولو أكره الإمام جماعة على الخروج والجهاد ، لم يستحقوا أجرة لما ذكرنا من وقوع الجهاد عنهم ، وامتناع استئجارهم ، هكذا أطلقوه ، وقال البغوي : إن تعين عليهم الجهاد ، فالحكم كذلك ، وإلا فلهم الأجرة من حين أخرجهم إلى أن حضروا الوقعة . وأطلق مطلقون أنه لو عين الإمام رجلا ، وألزمه بغسل الميت ودفنه ، لم يكن له أجرة ، واستدرك الإمام فقال : هذا إذا لم يكن للميت تركة ، ولا في بيت المال اتساع ، فإن كان له تركة ، فمؤنة تجهيزه في تركته ، وإلا ففي بيت المال إن اتسع ، فيستحق المكره الأجرة ، والتفصيلان حسنان ، فليحمل عليهما الإطلاقان . وهل يجوز للإمام ؟ قال الإمام : إن جوزنا استئجار الحر ، فكذا العبد ، وإلا فوجهان بناء على أنه لو وطئ الكفار دار المسلمين هل يتعين على العبيد الجهاد ؟ إن قلنا : نعم ، فهم من أهل فرض الجهاد ، فإذا وافوا الصف ، وقع الجهاد عنهم ، فيكون استئجارهم كالأحرار ، وإلا فيجوز استئجارهم ، وإن أخرج الإمام العبيد قهرا ، لزمت أجرتهم من يوم الإخراج إلى أن يعود كل عبد إلى يد سيده ، هكذا أطلقه استئجار عبيد المسلمين البغوي وغيره ، وينبغي أن يبنى ذلك على الوجهين إن قلنا : إنهم من أهل فرض الجهاد ، فكالأحرار ، أما الذمي فللإمام أن يستعمله للجهاد بمال يبذله له ، وهل طريقه الإجارة أم الجعالة ؟ وجهان ، أحدهما : الجعالة ، لجهالة العمل ، وأصحهما : الإجارة ، وتحتمل جهالة العمل ؛ لأن المقصود القتال ، ولو كان جعالة لجاز للذمي الانصراف متى شاء ، وهو بعيد ، وعلى هذا وجهان ، أحدهما : لا يجوز أن يبلغ بالأجرة سهم راجل ، وكان حاصل هذا الوجه الحكم بالانفساخ والرد إلى أجرة المثل إن بان زيادة الأجرة على سهم ، وإلا ففي الابتداء لا يعلم سهم الراجل من الغنيمة ، والصحيح [ ص: 242 ] أنه لا حجر في قدر الأجرة ، كسائر الإجارات ، ؟ وجهان ، أصحهما : المنع ؛ لأن الآحاد لا يتولون المصالح العامة ، وقد يكون في حضوره مفسدة يعلمها الإمام دون الآحاد . وهل لآحاد المسلمين استئجار الذمي للجهاد
فرع
لو ، استحب أن يسمي لهم أجرة ، فإن ذكر شيئا مجهولا ، بأن قال : نرضيكم ، أو نعطيكم ما تستعينون به ، وجبت أجرة المثل ، وإن أخرجهم وحملهم على الجهاد كرها ، وجبت أجرة المثل ، وإن خرجوا راضين ، ولم يسم لهم شيئا ، فهذا موضع الرضخ ، وفي محله أقوال سبقت في قسم الغنيمة ، وأما الأجرة الواجبة ، مسماة كانت أو أجرة المثل ، فهل تؤدى من خمس الخمس سهم المصالح من هذه الغنيمة أو غيرها ، أم من أصل الغنيمة ، أم من أربعة أخماسها ؟ أوجه ، أصحها : الأول ، وهو نصه في " المختصر " وقطع به جماعة . أخرج الإمام أهل الذمة
فرع
لو ، أو هربوا ولم يقفوا ، لم يجب لهم إلا أجرة الذهاب ، وإن تعطلت منافعهم في الرجوع ؛ لأنهم يتصرفون حينئذ كيف شاءوا ، ولو وقف المقهورون ولم يقاتلوا ، فهل لهم أجرة مدة الوقوف ؟ وجهان ، أصحهما : لا ، فعلى هذا إن لم يكن عليهم حبس وقهر ، فلا شيء لهم ، وإلا ففيه الخلاف في أن منفعة الحر هل تضمن بالحبس والتعطيل دون الاستيفاء ؟ ولو استأجر الذمي فلم يقاتل ، ففي استحقاقه الوجهان . أخرجهم قهرا ، ثم خلى سبيلهم قبل وقوفهم في الصف