السابعة : ، أو بغير إذنه وقلنا بالأصح : إنه يجوز ، إذا بارز مسلم كافرا بإذن الإمام ، ولا الكفار الكافر إلى انقضاء القتال وجب الوفاء بالشرط ، ولم يجز لمن في الصف الإعانة ، ثم إن هرب أحدهما ، أو قتل المسلم ، جاز للمسلمين قصد الكافر ، لأن الأمان كان إلى انقضاء القتال وقد انقضى ، فإن شرط الأمان إلى العود إلى الصف ، وفى به ، فإن ولى المسلم عنه ، فتبعه ليقتله ، أو ترك قتال المسلم وقصد الصف ، فلهم قتله لنقضه الأمان ، ولو أثخن ، جاز قتله أيضا لانقطاع القتال ، وإذا قصد قتل المثخن ، منع ، وقيل : فإن شرط له التمكين منه ، فهو شرط باطل ، لما فيه من الضرر ، وهل يفسد به أصل الأمان ؟ وجهان ، ولو خرج المشركون لإعانة المشرك ، خرج المسلمون لإعانة المسلم ، فإن كان الكافر استنجدهم ، جاز قتله معهم ، وكذا لو خرجوا بغير استنجاده [ ص: 285 ] فلم يمنعهم ، وإن خرجوا بغير إذنه ، ومنعهم ، فلم يمتنعوا ، جاز قتلهم ولم يجز التعرض له ، هذا كله إذا شرطا الأمان ، فإن لم يشرط ، ولكن اطردت عادة المتبارزين بالأمان ، فهو كالمشروط على الأصح ، فإن لم يشرط ، ولم تجر عادة ، فللمسلمين قتله . وشرط المتبارزان أن لا يعين المسلمون المسلم
فرع
لو أثخن المسلم الكافر ، فهل يجوز قتله أم يترك ؟ وجهان ، نقلهما ، وينبغي أن يقال : إن شرط الأمان إلى انقضاء القتال ، جاز قتله ، وإن شرط أن لا يتعرض للمثخن ، وجب الوفاء بالشرط . الثامنة : مسألة العلج ، وهو الكافر الغليظ الشديد ، سمي به لأنه يدفع بقوته عن نفسه ، ومنه سمي العلاج لدفعه الداء وصورتها أن يقول كافر للإمام : أدلك على قلعة كذا على أن تعطيني منها جارية كذا ، فيعاقده الإمام ، فيجوز وهي جعالة بجعل مجهول غير مملوك احتملت للحاجة ، ولو قال الإمام ابتداء : إن دللتني على هذه القلعة ، فلك منها جارية كذا ، فكذلك الحكم ، وسواء كانت المعينة حرة أم أمة لأن الحرة ترق بالأسر ، ولو شرط العلج أو الإمام جارية مبهمة ، جاز على الصحيح ، ويشترط كون الجعل مما يدل عليه العلج ، فلو قال : أعطيك جارية مما عندي ، أو ثلث مالي ، لم يصح كونه مجهولا كسائر الجعالات ، ولو قال مسلم : أدلك على أن تعطيني منها جارية كذا ، أو ثلث ما فيها ، فوجهان ، أصحهما عند الإمام : لا يجوز ، لأن فيه أنواع غرر ، فلا تحتمل مع المسلم الملتزم للأحكام بخلاف الكافر ، فإن الحاجة تدعو إليه ، لأنه أعرف بقلاعهم وطرقهم غالبا ، والثاني : يجوز ، وبه قال العراقيون للحاجة ، فقد يكون المسلم أعرف وهو أنصح ، ولأن العقد متعلق بالكفار ، قال الإمام : والوجهان مفرعان على تجويز [ ص: 286 ] استئجار المسلم للجهاد ، وإلا فلا تصح هذه المعاملة مع مسلم ، ولا يستحق أجرة المثل ، ثم إذا فتحنا القلعة بدلالة العلج ، وظفرنا بالجارية ، سلمناها إليه ، ولا حق فيها لغيره ، وإن دلنا ، وفتحناها بغير دلالته ، لم يستحقها على الأصح ، وإن لم نفتحها ، فإن علق الشرط بالفتح ، فلا شيء له ، وإلا فأوجه ، أصحها : لا يستحق شيئا ، والثاني : يستحق أجرة المثل ، والثالث : يرضخ له ، والرابع : إن كان القتال ممكنا والفتح متوقعا قريبا ، استحق ، وإن لم يتوقع إلا باحتمال نادر ، فلا ، أما إذا قاتلنا ، فلم نظفر ، فلا شيء له على المذهب ، ولو تركناها ، ثم عدنا ، ففتحناها بدلالته ، فله الجارية على الصحيح ، وإن فتحناها بطريق آخر ، فلا شيء له على الصحيح ، ولو فتحها طائفة أخرى بالطريق الذي دلنا عليه ، فلا شيء له عليهم ، لأنه لم يجر معهم شرط . ابن كج
فرع
إذا لم يكن في القلعة تلك الجارية ، فلا شيء له ، وكذا لو كانت وماتت قبل الشرط ، وإن ماتت بعد الشرط ، فالمذهب أنها إن ماتت بعد الظفر ، وجب بدلها ، لأنها حصلت في يد الإمام ، فتلفت من ضمانه ، وإن ماتت قبل الظفر ، فلا شيء له ، وقيل : قولان في الحالين ، فإن قلنا : يجب البدل ، فما البدل ؟ بناه الإمام على مقدمة في جعل الجعالة ، فقال : إذا جعل الجعل عينا ، كثوب وعبد ، وتمم العامل العمل والعين تالفة ، فإن تلفت قبل إنشاء العمل ، نظر إن علم العامل تلفها ، فلا شيء له ، لأن المعاقدة كانت مقصورة على تلك العين ، فإذا عمل عالما بتلفها ، كان كالمتبرع ، وإن جهل ، فله أجرة المثل لعدم التبرع ، وإن تلفت بعد العمل ، نظر إن لم يطالبه العامل بتسليمها ، فهل يرجع بقيمة العين أو أجرة المثل ؟ قولان بناء على أن الجعل المعين مضمون ضمان العقد ، [ ص: 287 ] أم ضمان اليد ؟ وفيه قولان ، كالصداق ، قال الإمام : ولا يبعد عندي القطع بأن الجعل يضمن ضمان العقد ، لأنه ركن في الجعالة وليس الصداق ركنا في النكاح ، وإن تلف بعد المطالبة وامتناع الجاعل من التسليم ، فإن قلنا بضمان اليد ، فالحكم كما سبق ، وإن قلنا : ضمان العقد ، فقال القاضي حسين : التلف بعد الامتناع كإتلاف الجاعل ، فيكون في قول : كتلفه بآفة فينفسخ العقد ويرجع العامل بأجرة المثل ، وفي قول : كإتلاف الأجنبي ، فيتخير العامل بين الفسخ والإجارة إذا عرفت المقدمة ، فبدل الجارية حيث حكمنا به هو أجرة المثل إن قلنا بضمان العقد ، وقيمتها إن قلنا بضمان اليد ، هكذا قال الإمام ، ولكن الأظهر من قولي الصداق وجوب مهر المثل ، والموجود لجمهور الأصحاب هنا قيمة الجارية ، ثم محل الخلاف إذا كانت جارية معينة ، فإن كانت مبهمة ومات كل من فيها من الجواري ، وأوجبنا البدل ، فيجوز أن يقال : يرجع بأجرة المثل قطعا ، لتعذر تقويم المجهول ، ويجوز أن يقال : تسلم إليه قيمة من تسلم إليه قبل الموت ، ثم البدل الواجب هل يجب في مال المصالح أم في أصل الغنيمة ؟ فيه الخلاف المذكور في الرضخ .
فرع
إذا شرط جارية مبهمة ولم يوجد إلا جارية ، سلمت إليه ، وإن وجد جوار ، فللإمام التعيين ، ويجبر العلج على القبول ، لأن المشروط جارية وهذه جارية ، كما أن للمسلم إليه أن يعين ما شاء بالصفة المشروطة ، ويجبر المستحق على القبول ، ولو شرط جارية معينة ، فلم يجد فيها شيئا سوى تلك الجارية ، فهل تسلم إليه ؟ وجهان ، أصحهما : نعم ، وفاء بالشرط ، والثاني : لا ، لأن سعينا حينئذ يكون للعلج خاصة ، [ ص: 288 ] والخلاف فيما إذا لم يمكن أن يتملك القلعة ، ويديم اليد عليها ، لكونها محفوفة ببلاد الكفر ، فإن أمكن ، وجب الوفاء قطعا .
فرع
لو وجدنا الجارية مسلمة ، نظر إن أسلمت قبل الظفر وهي حرة ، لم يجز استرقاقها ، وعن ابن سريج أن فيه قولا أنها تسلم إلى العلج ، لأنه استحقها قبل الإسلام ، والمذهب الأول ، وإن أسلمت بعد الظفر ، فإن كان الدليل مسلما ، وصححنا هذه المعاقدة معه ، أو كافرا وأسلم ، سلمت إليه ، وإلا فيبنى على شراء الكافر عبدا مسلما ، إن جوزناه ، سلمناها إليه ، ثم يؤمر بإزالة الملك ، وإن لم نجوزه ، لم تسلم إليه ، وإذا لم تسلم إليه بعد الإسلام ، ففي وجوب بدلها طريقان ، أحدهما : طرد الخلاف في الموت ، لاشتراكهما في تعذر التسليم ، والثاني : القطع بالوجوب ، والمذهب وجوب البدل ، وإن ثبت الخلاف وهو فيما إذا أسلمت بعد الظفر أظهر منه فيما إذا أسلمت قبله ، لأنها إذا أسلمت بعده تكون مملوكة .
فرع
جميع ما ذكرناه فيما إذا فتحت عنوة ، فإن فتحت صلحا ، نظر إن كانت الجارية المشروطة خارجة عن الأمان ، بأن كان الصلح على أمان صاحب القلعة وأهله ولم تكن الجارية من أهله ، سلمت إلى العلج ، وإن كانت داخلة في الأمان ، أعلمنا صاحب القلعة بشرطنا مع العلج وقلنا له : إن رضيت بتسليمها إليه ، غرمنا لك قيمتها وأمضينا الصلح ، وتكون القيمة من بيت المال ، قاله البغوي ، وفي الشامل أنها على الخلاف في الرضخ ، وإن لم يرض ، راجعنا العلج ، فإن رضي بقيمتها أو بجارية أخرى ، فذاك ، وإلا قلنا لصاحب القلعة : إن لم تسلمها ، [ ص: 289 ] فسخنا الصلح ، ونبذنا عهدك ، فإن امتنع ، رددناه إلى القلعة ، واستأنفنا القتال ، هذا هو الصحيح ، وبه قطع الجمهور ، وعن أبي إسحاق أن الصلح في الجارية فاسد ، لأنها مستحقة .
فرع
لو كان الإمام نازلا بجنب قلعة وهو لا يعرفها فقال : من دلني على قلعة كذا ، فله منها جارية ، فقال له علج : هي هذه التي أنت عندها ، قال : المذهب أنه يستحق تلك الجارية إذا فتحت ، كما لو قال : من جاءني بعبدي الآبق ، فله كذا ، فجاء به إنسان من البلد . ابن كج