الشرط الرابع : ، فيشترط في المناضلة العلم بأمور لاختلاف الغرض باختلافها ، منها : الإعلام على ما ذكرنا في المسابقة ، ومنها : المال المشروط ، كخمسة من عشرين ، وليبينا صفة الإصابة من القرع ، وهو الإصابة المجردة ، والخرق ، وهو أن يثقب الغرض ، ولا يثبت فيه ، والخسق وهو أن يثبت فيه ، والخرم وهو أن يصيب طرف الغرض فيخرمه ، والمرق وهو أن يثقبه ، ويخرج من الجانب الآخر ، ثم كتب كثير من الأصحاب منهم العراقيون مصرحة بأنه لا بد من ذكر ما يريدان من هذه الصفات سوى الخرم والمرق ، فإنهم لم يشرطوا التعرض لهما ، والأصح ما ذكره عدد الإصابة البغوي : أنه لا يشترط التعرض لشيء منها ، كالخرم والمرق ، وكإصابة أعلى الشن وأسفله ، قال : وإذا أطلقا العقد حمل على القرع ، لأنه المتعارف ، وأحسن من هذه العبارة أن يقال : حقيقة اللفظ ما يشترك فيه جميع ذلك ، ومنها : إعلام المسافة التي يرميان فيها ، وفي وجوبه قولان حكاهما الإمام ، أحدهما : نعم ، لاختلاف الغرض بها ، والثاني : لا ، وينزل على العادة [ ص: 367 ] الغالبة للرماة هناك إن كانت ، فإن لم تكن عادة وجب قطعا ، وعلى هذا يحمل ما أطلقه الأكثرون من اشتراط الإعلام ، وليرجح من القولين : التنزيل على العادة الغالبة ، لأن الشرط العلم بها ، وذلك تارة يكون بالإعلام ، وتارة بقرينة الحال ، كنظائره ، وبهذا قطع ، وفي " المهذب " " والتهذيب " أنه إذا كان هناك غرض معلوم المدى ، حمل مطلق العقد عليه ، ولو ذكرا غاية لا تبلغها السهام ، بطل العقد ، وإن كانت الإصابة فيها نادرة ، ففيه الوجهان ، أو القولان في الشروط النادرة ، وقدر الأصحاب ابن كج بمائتين وخمسين ذراعا ، وما تتعذر فيه بما فوق ثلاثمائة وخمسين ، وما تندر فيه بما بينهما ، وفي وجه لا تجوز الزيادة على مائتين ، وهو شاذ ، ولو المسافة التي يقرب توقع الإصابة فيها ، صح العقد على الأصح ، لأن الإبعاد مقصود أيضا في مقاتلة القلاع ونحوها ، وحصول الإرعاب ، وامتحان شدة الساعد ، قال الإمام : والذي أراه على هذا أنه يشترط استواء القوسين في الشدة ، وتراعى خفة السهم ورزانته ، لأنهما تؤثران في القرب والبعد تأثيرا عظيما . تناضلا على أن يكون السبق لأبعدهما رميا ، ولم يقصدا غرضا
ومنها : ، والكلام فيه على ما ذكرنا في المسافة . إعلام قدر الغرض طولا وعرضا
ومنها : ارتفاعه عن الأرض وانخفاضه ، وهل يشترط بيانه أم لا يشترط ؟ ويحمل على الوسط فيه مثل الخلاف السابق . واعلم أن الهدف هو التراب الذي يجتمع ، أو الحائط الذي يبنى لينصب فيه الغرض ، والغرض قد يكون من خشب أو قرطاس أو جلد ، أو شن وهو الجلد البالي ، وقيل : كل ما نصب في الهدف ، فهو قرطاس ، سواء كان من كاغد أو غيره ، وما تعلق في الهواء ، فهو الغرض والرقعة ، [ ص: 368 ] عظم ونحوه ، يجعل في وسط الغرض وقد يجعل في الشن نقش كالقمر قبل استكماله يقال لها : الدارة ، وفي وسطها نقش يقال له : الخاتم ، وينبغي أن يبينا موضع الإصابة أهو الهدف ، أم الغرض المنصوب فيه ، أم الدارة في الشن ، أم الخاتم في الدارة ؟ وقد يقال له : الحلقة والرقعة ، وفي الصحة مع اشتراط إصابته الخلاف في الشروط النادرة ، وقد يجعل العرب بدل الهدف ترسا ويعلق فيه الشن .
ومنها : وهو جمع رشق بالكسر ، وهي النوبة من الرمي تجري بين المتراميين ، سهما سهما أو خمسة خمسة ، أو ما يتفقان عليه ، ويجوز أن يتفقا على أن يرمي أحدهما جميع العدد ، ثم الآخر كذلك ، والإطلاق محمول على سهم سهم ، والمحاطة أن يشترط طرح ما يشتركان فيه من الإصابات ، ويفضل لأحدهما إصابات معلومة ، فإذا شرطا عشرين رشقا وفضل خمس إصابات ، فرميا عشرين ، وأصاب أحدهما عشرة والآخر خمسة ، فالأول ناضل ، وإن أصاب كل واحد خمسة أو غيرها ولم يفضل لأحدهما خمسة ، فلا ناضل ، والمبادرة أن يشترط الاستحقاق لمن بدر إلى إصابة خمسة من عشرين مثلا مع استوائهما في العدد المرمي به ، فإذا عدد الأرشاق ، فالأول ناضل ، فلو رميا عشرين وأصاب أحدهما خمسة ، والآخر أربعة ، فالأول ليس بناضل الآن ، فيرمي الآخر سهمه ، فإن أصاب ، فقد استويا ، وإلا فالأول ناضل ، وقولنا : مع استوائهما في العدد المرمي به احتراز من هذه الصورة ، فإن الأول بدر ، لكن لم يستويا بعد ، وهل يشترط التعرض في العقد للمحاطة والمبادرة ؟ وجهان ، أحدهما : نعم ، ويفسد العقد إن تركاه لتفاوت الأغراض ، وأصحهما : لا ، فإن أطلقا ، حمل على المبادرة ، [ ص: 369 ] لأنها الغالب من المناضلة ، وهل يشترط ذكر الأرشاق وبيان عددها في العقد ؟ فيه طريقان ، المذهب وبه قطع عامة الأصحاب : يشترط ذلك في المحاطة والمبادرة ، ليكون للعمل ضبط ، والأرشاق في المناضلة كالميدان في المسابقة . والثاني : فيه ثلاثة أوجه ذكرها الإمام ، وجعلها رمى أحدهما عشرين ، وأصاب خمسة ، ورمى الآخر تسعة عشر ، وأصاب أربعة أقوالا ، أحدها : هذا ، والثاني : لا يشترط ، لأن الرامي لا يجري على نسق واحد ، وقد لا يستوفي الأرشاق لحصول الفوز في خلالها كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، وليكن التعويل على الإصابات ، والثالث : يشترط في المحاطة لينفصل الأمر ، ويبين نهاية العقد ، ولا يشترط في المبادرة لتعلق الاستحقاق بالبدار إلى العدد المشروط . الغزالي
فرع
، صح على الأصح ، وقيل : لا ، فقد يتفق في المرة الواحدة إصابة الأخرى دون الحاذق ، فلا يظهر الحذق إلا برميات ، ولو تناضلا على رمية واحدة ، وشرطا المال للمصيب فيها ، لم تحسب الزيادة له إن أصاب ، ولا عليه إن أخطأ ، ولو رمى أحد المتناضلين أكثر من النوبة المستحقة له ، إما باتفاقهما وإما بغيره ، جاز ، ولا يتفرقان كل يوم حتى يستوفيا المشروط فيه إلا لعذر ، كمرض وريح عاصفة ونحوه ، ثم يرميان على ما مضى في ذلك اليوم أو بعده ، ويجوز أن يشرطا الرمي جميع النهار ، وحينئذ يفيان به ولا يدعان إلا في وقت الطهارة والصلاة والأكل ونحوها ، وتقع هذه الأحوال مستثناة ، كما في الإجارة ، ولو أطلقا ولم يبينا وظيفة كل يوم ، فكذلك الحكم ، ولا يتركان الرمي إلا بالتراضي أو لعارض ، كمرض وريح ومطر ونحوها ، والحر ليس بعذر ، وكذا الريح [ ص: 370 ] الخفيفة ، وإذا غربت الشمس قبل فراغ وظيفة اليوم ، لم يرميا بالليل للعادة إلا أن يشرط له وحينئذ يحتاجان إلى مشمعة ونحوها ، وقد يكفي ضوء القمر كذا قاله الأصحاب . عقدا على عدد كثير على أن يرميا كل يوم بكرة كذا وعشية كذا
ومنها : أنه ، لأنهما لو رميا معا ، اشتبه المصيب بالمخطئ ، فإن ذكرا في العقد من يبدأ بالرمي ، اتبع الشرط ، وإن أطلقا ، فقولان ، أظهرهما : بطلان العقد ، والثاني : صحته ، وكيف يمضي ؟ وجهان ، ويقال : قولان ، أحدهما : ينزل على عادة الرماة وهي تفويض الأمر إلى المسبق بكسر الباء وهو مخرج السبق ، فإن أخرجه أحدهما ، فهو أولى ، وإن أخرجه غيرهما ، قدم من شاء ، وإن أخرجاه ، أقرع ، والثاني : يقرع بكل حال ، وقال يشترط رميهما مرتبا القفال : القولان في الأصل مبنيان على أنا نتبع القياس أم عادة الرماة ؟ ويجري مثل هذين القولين في صور من السبق والرمي ، وهما متعلقان بالخلاف في أن سبيل هذا العقد سبيل الإجارة أم الجعالة ، إن قلنا بالأول ، اتبعنا القياس ، وإن قلنا بالثاني ، اتبعنا العادات ، وقيل : في المسألة طريقان آخران ، أحدهما : القطع بالفساد ، والثاني : بالقرعة ، ثم إذا شرط تقديم واحد ، أو اعتمدنا القرعة فخرجت لواحد ، فهل يقدم في كل رشق ، أم في الرشق الأول فقط ؟ حكى الإمام فيه وجهين قال : ولو صرحوا بتقديم من قدموه في كل رشق ، أو أخرجا القرعة للتقديم في كل رشق ، اتبع الشرط وما أخرجته القرعة ، ولك أن تقول : إذا ابتدأ المقدم في النوبة الأولى ، فينبغي أن يبتدئ الثاني في الثانية بلا قرعة ، ثم يبتدئ الأولى في الثالثة ، ثم الثاني وهذا لأمرين ، أحدهما : أنهم نقلوا عن نصه في " الأم " أنه لو شرط كون الابتداء لأحدهما أبدا ، لم يجز ، لأن المناضلة مبنية على التساوي ، والثاني : أنه يستحب كون الرمي بين غرضين [ ص: 371 ] متقابلين يرمي المتناضلان ، أو الجريان من عند أحدهما إلى الآخر ، ثم يأتيان الثاني ، ويلتقطان السهام ، ويرميان إلى الأول ، ثم نص والأصحاب - رحمهم الله - أنه إذا بدأ أحدهما بالشرط ، أو بالقرعة ، أو بإخراج المال ، ثم انتهيا إلى الغرض الثاني ، بدأ الثاني في النوبة الثانية ، وإن كان الغرض واحدا وحينئذ فيتصل رميه في النوبة الثانية برميه في النوبة الأولى . الشافعي
فرع
وجهان ، وإذا ثبت الابتداء لواحد ، فرمى الآخر قبله ، لم يحسب له إن أصاب ، ولا عليه إن أخطأ ، ويرمي ثانيا عند انتهاء النوبة إليه . إذا قلنا : يقرع للابتداء ، هل يدخل المحلل في القرعة إذا أخرجا المال ؟