[ ص: 7 ] بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الطهارة
باب الماء الطاهر
قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) . الفرقان : 48 . المطهر للحدث والخبث من المائعات ،
nindex.php?page=treesubj&link=434الماء المطلق خاصة ، وهو العاري عن الإضافة اللازمة . وقيل : الباقي على وصف خلقته .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=461المستعمل في رفع حدث ، فطاهر ، وليس بطهور على المذهب . وقيل : طهور في القديم . والمستعمل في نقل الطهارة ، كتجديد الوضوء ، والأغسال المسنونة ، والغسلة الثانية ، والثالثة ، وماء المضمضة ، طهور على الأصح . وأما ما اغتسلت به كتابية عن حيض لتحل لمسلم ، فإن قلنا : لا يجب إعادة الغسل إذا أسلمت ، فليس بطهور . وإن أوجبناها - وهو الأصح - فوجهان ، الأصح أنه ليس بطهور . وما تطهر به لصلاة النفل ، مستعمل ، وكذا ما تطهر به الصبي على الصحيح .
nindex.php?page=treesubj&link=461والمستعمل الذي لا يرفع الحدث ، لا يزيل النجس على الصحيح . والمستعمل في النجس إذا قلنا : إنه طاهر ، لا يرفع الحدث على الصحيح . ولو جمع المستعمل فبلغ قلتين ، عاد طهورا في الأصح ، كما لو انغمس جنب في قلتين ، فإنه طهور بلا خلاف . ولو انغمس جنب فيما دون قلتين حتى عم جميع بدنه ، ثم نوى ، ارتفعت جنابته بلا خلاف ، وصار الماء في الحال مستعملا بالنسبة إلى غيره على الصحيح . ومقتضى كلام
[ ص: 8 ] الأصحاب أنه لا يصير مستعملا بالنسبة إلى المنغمس حتى يخرج منه ، وهو مشكل . وينبغي أن يصير مستعملا لارتفاع الحدث . ولو انغمس فيه جنبان ، ونويا معا بعد تمام الانغماس ، ارتفعت جنابتهما بلا خلاف ، ولو نوى الجنب قبل تمام الانغماس ، إما في أول الملاقاة ، وإما بعد غمس بعض البدن ، ارتفعت جنابة الجزء الملاقي بلا خلاف ، ولا يصير الماء مستعملا ، بل له أن يتم الانغماس ويرفع الحدث على الصحيح المنصوص . وقال
الخضري : يصير مستعملا ، فلا ترتفع عن الباقي .
قلت :
nindex.php?page=treesubj&link=461ولو انغمس جنبان ، ونوى أحدهما قبل صاحبه ، ارتفعت جنابة الناوي ، وصار مستعملا بالنسبة إلى الآخر على الصحيح . وإن نويا معا بعد غمس جزء منهما ، ارتفع عن جزءيهما ، وصار مستعملا بالنسبة إلى باقيهما على الصحيح . والله أعلم . وما دام الماء مترددا على العضو ، لا يثبت له حكم الاستعمال .
قلت :
nindex.php?page=treesubj&link=461وإذا جرى الماء من عضو المتوضئ إلى عضو ، صار مستعملا ، حتى لو انتقل من إحدى اليدين إلى الأخرى ، صار مستعملا ، وفي هذه الصورة وجه شاذ محكي في باب التيمم . من ( البيان ) أنه لا يصير ، لأن اليدين كعضو .
[ ص: 9 ] ولو انفصل من بعض أعضاء الجنب إلى بعضها ، فوجهان ; الأصح عند صاحبي ( الحاوي ) و ( البحر ) : لا يصير . والراجح عند الخراسانيين يصير ، وبه قطع جماعة منهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين : إن نقله قصدا ، صار ، وإلا فلا . ولو غمس المتوضئ يده في الإناء قبل الفراغ من غسل الوجه ، لم يصر مستعملا . وإن غمسها بعد فراغه من الوجه بنية رفع الحدث ، صار مستعملا . وإن نوى الاغتراف ، لم يصر ، وإن لم ينو شيئا ، فالصحيح أنه يصير ، وقطع
البغوي بأنه لا يصير . والجنب بعد النية ، كمحدث بعد غسل الوجه . وأما الماء الذي يتوضأ به الحنفي وغيره ممن لا يعتقد وجوب نية
[ ص: 10 ] الوضوء ، فالأصح أنه يصير . والثاني : لا يصير . والثالث : إن نوى ، صار ، وإلا فلا ، ولو غسل رأسه بدل مسحه ، فالأصح أنه مستعمل ، كما لو استعمل في طهارته أكثر من قدر حاجته ، والله أعلم .
[ ص: 7 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كِتَابُ الطَّهَارَةِ
بَابُ الْمَاءِ الطَّاهِرِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ) . الْفُرْقَانِ : 48 . الْمُطَهِّرُ لِلْحَدَثِ وَالْخَبَثِ مِنَ الْمَائِعَاتِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=434الْمَاءُ الْمُطْلَقُ خَاصَّةً ، وَهُوَ الْعَارِي عَنِ الْإِضَافَةِ اللَّازِمَةِ . وَقِيلَ : الْبَاقِي عَلَى وَصْفِ خِلْقَتِهِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=461الْمُسْتَعْمَلُ فِي رَفْعِ حَدَثٍ ، فَطَاهِرٌ ، وَلَيْسَ بِطَهُورٍ عَلَى الْمَذْهَبِ . وَقِيلَ : طَهُورٌ فِي الْقَدِيمِ . وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي نَقْلِ الطَّهَارَةِ ، كَتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ ، وَالْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ ، وَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ ، وَالثَّالِثَةِ ، وَمَاءِ الْمَضْمَضَةِ ، طَهُورٌ عَلَى الْأَصَحِّ . وَأَمَّا مَا اغْتَسَلَتْ بِهِ كِتَابِيَّةٌ عَنْ حَيْضٍ لِتَحِلَّ لِمُسْلِمٍ ، فَإِنْ قُلْنَا : لَا يَجِبُ إِعَادَةُ الْغُسْلِ إِذَا أَسْلَمَتْ ، فَلَيْسَ بِطَهُورٍ . وَإِنْ أَوْجَبْنَاهَا - وَهُوَ الْأَصَحُّ - فَوَجْهَانِ ، الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِطَهُورٍ . وَمَا تَطَهَّرُ بِهِ لِصَلَاةِ النَّفْلِ ، مُسْتَعْمَلٌ ، وَكَذَا مَا تَطَهَّرُ بِهِ الصَّبِيُّ عَلَى الصَّحِيحِ .
nindex.php?page=treesubj&link=461وَالْمُسْتَعْمَلُ الَّذِي لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ ، لَا يُزِيلُ النَّجَسَ عَلَى الصَّحِيحِ . وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي النَّجَسِ إِذَا قُلْنَا : إِنَّهُ طَاهِرٌ ، لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ عَلَى الصَّحِيحِ . وَلَوْ جُمِعَ الْمُسْتَعْمَلُ فَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ ، عَادَ طَهُورًا فِي الْأَصَحِّ ، كَمَا لَوِ انْغَمَسَ جُنُبٌ فِي قُلَّتَيْنِ ، فَإِنَّهُ طَهُورٌ بِلَا خِلَافٍ . وَلَوِ انْغَمَسَ جُنُبٌ فِيمَا دُونَ قُلَّتَيْنِ حَتَّى عَمَّ جَمِيعَ بَدَنِهِ ، ثُمَّ نَوَى ، ارْتَفَعَتْ جَنَابَتُهُ بِلَا خِلَافٍ ، وَصَارَ الْمَاءُ فِي الْحَالِ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ . وَمُقْتَضَى كَلَامِ
[ ص: 8 ] الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُنْغَمِسِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ ، وَهُوَ مُشْكِلٌ . وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِيرَ مُسْتَعْمَلًا لِارْتِفَاعِ الْحَدَثِ . وَلَوِ انْغَمَسَ فِيهِ جُنُبَانِ ، وَنَوَيَا مَعًا بَعْدَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ ، ارْتَفَعَتْ جَنَابَتُهُمَا بِلَا خِلَافٍ ، وَلَوْ نَوَى الْجُنُبُ قَبْلَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ ، إِمَّا فِي أَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ ، وَإِمَّا بَعْدَ غَمْسِ بَعْضِ الْبَدَنِ ، ارْتَفَعَتْ جَنَابَةُ الْجُزْءِ الْمُلَاقِي بِلَا خِلَافٍ ، وَلَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا ، بَلْ لَهُ أَنْ يُتِمَّ الِانْغِمَاسَ وَيُرْفَعُ الْحَدَثُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ . وَقَالَ
الْخُضَرِيُّ : يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا ، فَلَا تَرْتَفِعُ عَنِ الْبَاقِي .
قُلْتُ :
nindex.php?page=treesubj&link=461وَلَوِ انْغَمَسَ جُنُبَانِ ، وَنَوَى أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ ، ارْتَفَعَتْ جَنَابَةُ النَّاوِي ، وَصَارَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْآخَرِ عَلَى الصَّحِيحِ . وَإِنْ نَوَيَا مَعًا بَعْدَ غَمْسِ جُزْءٍ مِنْهُمَا ، ارْتَفَعَ عَنْ جُزْءَيْهِمَا ، وَصَارَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِيهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَمَا دَامَ الْمَاءُ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ ، لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ .
قُلْتُ :
nindex.php?page=treesubj&link=461وَإِذَا جَرَى الْمَاءُ مِنْ عُضْوِ الْمُتَوَضِّئِ إِلَى عُضْوٍ ، صَارَ مُسْتَعْمَلًا ، حَتَّى لَوِ انْتَقَلَ مِنْ إِحْدَى الْيَدَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى ، صَارَ مُسْتَعْمَلًا ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَجْهٌ شَاذٌّ مَحْكِيٌّ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ . مِنَ ( الْبَيَانِ ) أَنَّهُ لَا يَصِيرُ ، لِأَنَّ الْيَدَيْنِ كَعُضْوٍ .
[ ص: 9 ] وَلَوِ انْفَصَلَ مِنْ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْجُنُبِ إِلَى بَعْضِهَا ، فَوَجْهَانِ ; الْأَصَحُّ عِنْدَ صَاحِبَيِ ( الْحَاوِي ) وَ ( الْبَحْرِ ) : لَا يَصِيرُ . وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ يَصِيرُ ، وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12441إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ : إِنْ نَقَلَهُ قَصْدًا ، صَارَ ، وَإِلَّا فَلَا . وَلَوْ غَمَسَ الْمُتَوَضِّئُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ غَسْلِ الْوَجْهِ ، لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا . وَإِنْ غَمَسَهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْوَجْهِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ ، صَارَ مُسْتَعْمَلًا . وَإِنْ نَوَى الِاغْتِرَافَ ، لَمْ يَصِرْ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِيرُ ، وَقَطَعَ
الْبَغَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ . وَالْجُنُبُ بَعْدَ النِّيَّةِ ، كَمُحْدِثٍ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ . وَأَمَّا الْمَاءُ الَّذِي يَتَوَضَّأُ بِهِ الْحَنَفِيُّ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ نِيَّةِ
[ ص: 10 ] الْوُضُوءِ ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِيرُ . وَالثَّانِي : لَا يَصِيرُ . وَالثَّالِثُ : إِنْ نَوَى ، صَارَ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَلَوْ غَسَلَ رَأْسَهُ بَدَلَ مَسْحِهِ ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ ، كَمَا لَوِ اسْتَعْمَلَ فِي طَهَارَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ حَاجَتِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .