فرع
. فإن أقاموها في قريتهم ، فذاك . وإن دخلوا المصر فصلوها فيه ، سقط الفرض عنهم ، وكانوا مسيئين ، لتعطيلهم الجمعة في قريتهم . وفيه وجه : أنهم غير مسيئين ، لأن القرية إذا كان فيها أربعون من أهل الكمال ، لزمهم الجمعة لا يجوز جمعة في قرية ، ففيما فعلوه ، خروج من الخلاف ، وهو ضعيف . أبا حنيفة
وإن لم يكن فيها أربعون من أهل الكمال ، فلهم حالان . أحدهما : يبلغهم النداء من موضع تقام فيه جمعة من بلد ، أو قرية ، فتجب عليهم الجمعة . والمعتبر نداء مؤذن عالي الصوت يقف على طرف البلد من الجانب الذي يلي تلك القرية ، ويؤذن على عادته ، والأصوات هادئة ، والرياح راكدة . فإذا سمع صوته من القرية من أصغى إليه ، ولم يكن أصم ، ولا جاوز سمعه حد العادة ، وجبت الجمعة على أهلها .
وفي وجه : المعتبر أن يقف المؤذن في وسط البلد ، ووجه يقف في الموضع الذي تقام فيه الجمعة . وهل يعتبر أن يقف على موضع عال كمنارة أو سور ؟ وجهان . قال الأكثرون : لا يعتبر . وقال : سمعت شيوخنا يقولون : [ ص: 38 ] لا يعتبر إلا القاضي أبو الطيب بطبرستان ، فإنها بين أشجار وغياض تمنع بلوغ الصوت . أما إذا كانت قرية على قلة جبل يسمع أهلها النداء لعلوها ، بحيث لو كانت على استواء الأرض لما سمعوا ، أو كانت قرية في وهدة من الأرض لا يسمع أهلها النداء لانخفاضها ، بحيث لو كانت على استواء لسمعوا ، فوجهان . أصحهما وبه قال : لا تجب الجمعة في الصورة الأولى ، وتجب في الثانية ، اعتبارا بتقدير الاستواء . والثاني : وبه قال الشيخ القاضي أبو الطيب أبو حامد : عكسه ، اعتبارا بنفس السماع . أما إذا ، فلا جمعة عليهم . وأما أهل الخيام إذا لزموا موضعا ، ولم يفارقوه ، وقلنا : لا يصلون الجمعة موضعهم ، فهم كأهل القرى . وإذا لم يبلغوا أربعين ، إن سمعوا النداء ، لزمتهم الجمعة ، وإلا فلا . لم يبلغ النداء أهل القرية
قلت : وإذا سمع أهل القرية الناقصون عن الأربعين النداء من بلدين ، فأيهما حضروا جاز ، والأولى حضور أكثرهما جماعة . - والله أعلم - .