[ ص: 50 ] النوع الثاني : عسفان . وهي : أن يرتبهم الإمام صفين ويحرم بالجميع ، فيصلوا معه إلى أن ينتهي إلى الاعتدال عن ركوع الأولى ، فإذا سجد ، سجد معه الصف الثاني ، ولم يسجد الصف الأول ، بل يحرسوا لهم قياما ، فإذا قام الإمام والساجدون ، سجد أهل الصف الأول ولحقوه ، وقرأ الجميع معه وركعوا واعتدلوا ، فإذا سجد ، سجد معه الصف الحارسون في الركعة الأولى ، وحرس الآخرون ، فإذا جلس للتشهد ، سجدوا ، ولحقوه وتشهدوا كلهم معه وسلم بهم . صلاة
هذه الكيفية ذكرها - رحمه الله - في ( المختصر ) . واختلف الأصحاب ، فأخذ كثيرون بها ، منهم أصحاب الشافعي القفال ، وتابعهم ، وقالوا : هي منقولة عن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه الغزالي بعسفان ، وقال الشيخ أبو حامد ومن تابعه : ما ذكره خلاف الثابت في السنة ، فإن الثابت الشافعي ، أن الصف الأول سجدوا معه في الركعة الأولى ، والصف الثاني سجدوا معه الثانية عكس ذلك . والشافعي
قالوا : والمذهب ما ثبت في الخبر ، لأن - رحمه الله - قال : إذا رأيتم قولي مخالفا للسنة فاطرحوه . واعلم أن الشافعي لم يقل : إن الكيفية التي ذكرها هي صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - الشافعي بعسفان ، بل قال : وهذا نحو صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعسفان ، فأشبه تجويزه كل واحد منهما . وقد صرح به الروياني وصاحب ( التهذيب ) وغيرهما .
قلت : الصحيح المختار : جواز الأمرين ، وهو مراد ، فإنه ذكر الحديث كما ثبت في الصحيح ، ثم ذكر الكيفية المذكورة ، فأشار إلى جوازهما . - والله أعلم - . الشافعي
ثم المذهب الصحيح المنصوص المشهور : أن الحراسة في السجود خاصة ، وأن الجميع يركعون معه ، وفيه وجه : أنهم يحرسون في الركوع أيضا ، وهو شاذ منكر . قال أصحابنا : لهذه الصلاة ثلاثة شروط . أن يكون العدو في جهة [ ص: 51 ] القبلة ، وأن يكون على جبل ، أو مستوى من الأرض لا يسترهم شيء عن أبصار المسلمين ، وأن يكون في المسجد كثرة ، لتسجد طائفة وتحرس أخرى ، ولا يمتنع أن يزيد على صفين ، بل يجوز أن يرتبهم صفوفا كثيرة ، ثم يحرس صفان كما سبق ، ولا يشترط أن يحرس جميع من في الصف ، بل لو حرست فرقتان من صف واحد على المناوبة في الركعتين ، جاز . فلو تولى الحراسة في الركعتين طائفة واحدة ، ففي صلاة هذه الطائفة وجهان . أصحهما : الصحة ، وبه قطع جماعة .
فرع
لو تأخر الحارسون أولا إلى الصف الثاني في الركعة الثانية ، وتقدمت الطائفة الثانية ليحرسوا ، جاز إذا لم تكثر أفعالهم ، وذلك بأن يتقدم كل واحد من الصف الثاني خطوتين ، ويتأخر كل واحد من الصف الأول خطوتين وينفذ كل واحد بين رجلين .
وهل هذا التقدم أفضل ، أم ملازمة كل واحد مكانه ؟ وجهان . قال الصيدلاني ، والمسعودي ، ، وآخرون : التقدم أفضل . وقال العراقيون : الملازمة أفضل . ولفظ والغزالي على هذا أدل ، وهذا كله بناء على ما ذكره الشافعي : أن الصف الأول يحرس في الأول . فأما على اختيار الشافعي أبي حامد : أن الصف الأول يسجدون في الأولى ، فإن في الركعة الثانية يتقدم الصف الثاني ، ويتأخر الأول فتكون الحراسة في الركعتين ممن خلف الصف الأول ، وكذلك ورد الخبر .
قلت : ثبت في ( صحيح مسلم ) تقدم الصف الثاني ، وتأخر الأول . - والله أعلم - .