المسألة الثالثة : ، فإن أقر لهما ، طولب بالثمنين ، وإن أقر لأحدهما ، طولب بالثمن الذي سماه ، وحلف للآخر ، وإن أنكر ما ادعياه ، ولا بينة حلف لهما يمينين ، وإن أقام أحدهما بينة قضي له ، وحلف للآخر ، وإن أقاما بينتين ، نظر إن أرختا تاريخين مختلفين ، لزمه الثمنان ، لإمكان الجميع ، وإن اتحد تاريخهما بأن أرختا بطلوع الشمس ، أو زوالها ، تعارضتا ، لامتناع كونه ملكا في وقت واحد لهذا وحده ، ولذاك وحده ، فعلى قول السقوط كأنه لا بينة ، وعلى القرعة يقرع ، فمن خرجت قرعته ، قضي له بالثمن الذي شهدت به بينة ، وللآخر تحليفه بلا خلاف ؛ لأنه لو اعترف به بعد ذلك لزمه ، وعلى القسمة لكل واحد نصف الثمن الذي سماه ، وكأن الدار لهما وباعاه بثمنين متفقين أو مختلفين ، وفي مجيء الوقف الخلاف السابق ، والمذهب مجيئه ، وإن كانت دار في يده جاء اثنان ، قال كل منهما : بعتك هذه الدار ، وكانت ملكي بكذا ، فأد الثمن ، فوجهان ، أصحهما أنهما كمختلفتي التاريخ ، فيلزمه الثمنان لإمكان الجمع ، والثاني : أنهما كمتحدتي التاريخ ؛ لأن الأصل [ ص: 73 ] براءة ذمة المشتري ، فلا يلزمه إلا اليقين ، وبهذا قال القاضي البينتان مطلقتين أو إحداهما مطلقة ، والأخرى مؤرخة أبو حامد ، وابن القطان ، فعلى هذا يعود خلاف التعارض وفيه طريق ثان وهو القطع بالوجه الأول ، وقيل : إن شهدت البينتان على الإقباض مع البيع ، وجب الثمنان قطعا ، ولو شهدت البينتان على إقرار المدعى عليه بما ادعيا ، فالصحيح أن الحكم كما لو قامتا على البيعين ، فينظر أقامتا على الإقرار مطلقا ، أم على الإقرار بالشراء من زيد في وقت ، ومن عمرو كذلك ، وقيل : يجب الثمنان ، وإن كانت الشهادة على الإقرارين مطلقا ، وما ذكرناه من أنهما إذا أرختا تاريخين مختلفين يلزمه الثمنان يشترط فيه أن يكون بينهما زمن يمكن فيه العقد الأول ، ثم الانتقال من المشتري إلى البائع الثاني ، ثم العقد الثاني ، فإن عين الشهود زمنا لا يتأتى فيه ذلك ، لم يجب الثمنان ، قال الإمام : ولو شهد اثنان أنه باع فلانا في ساعة كذا ، وشهد آخران أنه كان ساكنا تلك الحالة ، أو شهد اثنان أنه قبل فلانا ساعة كذا ، وآخر أنه كان ساكنا تلك الحالة لا يتحرك ولا يعمل شيئا ، ففي قبول الشهادة الثانية وجهان ؛ لأنها شهادة على النفي ، وإنما تقبل شهادة النفي في المضايق ، وأحوال الضرورات ، فإن قبلناها ، جاز التعارض .
قلت : الأصح القبول ؛ لأن النفي المحصور كالإثبات في إمكان الإحاطة به . والله أعلم .
فرع
قال الأكثرون : صورة المسألة أن يقول كل واحد : بعتك كذا [ ص: 74 ] وهو ملكي وهكذا لفظ رحمه الله في " المختصر " ، وقال الشافعي أبو الفياض : لا يشترط ذلك ، وإذا قلنا : بالقسمة عند التعارض ، فقسم الثمن بلا خيار لصاحب اليد ؛ لأنه حصل له تمام البيع ، ولا غرض له في عين البائع ، وقال : له الخيار ، فقد يرضى بمعاملة واحد دون اثنين . ابن القطان