المسألة الثانية : ، فلهما ثلاثة أحوال ، إحداها : أن يقتصر على هذا القدر ولا يتعرضا لتاريخ موت الأب ، ولا لتاريخ إسلام المسلم . مات نصراني وله ابنان مسلم ونصراني ، فقال المسلم : أسلمت بعد موت أبينا ، فالميراث بيننا . وقال النصراني : قبله ، فلا ترثه
والثانية : أن يتفقا على وقت موت الأب كرمضان . وقال المسلم : أسلمت في شوال ، وقال النصراني : بل أسلمت في شعبان ، ففي الحالتين إن لم يكن بينة ، فالقول قول المسلم ؛ لأن الأصل بقاؤه على دينه ، يحلف ويشتركان في المال . وإن أقام أحدهما بينة قضي بها . وإن أقاما [ ص: 79 ] بينتين ، قدمت بينة النصراني ؛ لأنها ناقلة من النصرانية إلى الإسلام في شعبان ، والأخرى مستصحبة لدينه في شوال ، فمع الأولى زيادة علم .
الحالة الثالثة : أن يتفقا على تاريخ إسلام المسلم ، فإن اتفقا على أنه أسلم في رمضان ، ولكن ادعى المسلم أن الأب مات في شعبان . وقال النصراني : مات في شوال ، صدق النصراني ؛ لأن الأصل بقاء الحياة . وإن أقاما بينتين ، قدمت بينة المسلم ؛ لأنها تنقل من الحياة إلى الموت في شعبان ، والأخرى تستصحب الحياة إلى شوال . وإن شهدت بينة النصراني في هذه الحالة الثالثة أنهم عاينوه حيا في شوال ، أو شهدت بينة المسلم في الحالتين الأوليين بأنهم كانوا يسمعون منه كلمة التنصر في نصف شوال مثلا تعارضتا .
فرع
، فعلى الأحوال الثلاث ، فإن اقتصر على ذلك أو اتفقا على أن الأب مات في رمضان . وقال قديم الإسلام لحادث الإسلام : أسلمت في شوال . وقال الحادث : بل أسلمت في شعبان ، صدق قديم الإسلام . وإن أقاما بينتين ، قدمت بينة الحادث . وإن اتفقا أن الحادث أسلم في رمضان ، وقال قديم الإسلام : مات الأب في شعبان . وقال الحادث : بل في شوال ، فالمصدق الحادث ، والمقدم بينة قديم الإسلام ، وعلى هذا يقاس نظائر الصورة الأولى ، وصورة الفرع بأن مات الأب حرا ، وأحد ابنيه حرا بالاتفاق ، واختلفا هل عتق الآخر قبل موته أم بعده . ولو اتفقا في صورة الفرع أن أحدهما لم يزل مسلما . وقال الآخر : لم أزل مسلما أيضا ، ونازعه الأول ، فقال : كنت نصرانيا ، وإنما أسلمت بعد موت الأب ، فالقول قوله أنه لم يزل مسلما ؛ لأن ظاهر الدار يشهد [ ص: 80 ] له . ولو قال كل واحد منهما : لم أزل مسلما ، وكان صاحبي نصرانيا أسلم بعد موت الأب ، فوجهان خرجهما مات مسلم وله ابنان أسلم أحدهما قبل موت الأب بالاتفاق ، وقال الآخر : أسلمت أيضا قبله . وقال المتفق على إسلامه : بل بعد موته القفال . أحدهما : لا شيء لهما ؛ لأن الأصل عدم الاستحقاق ، وأصحهما : يحلفان ، ويجعل المال بينهما ؛ لأن ظاهر اليد يشهد لكل واحد فيما يقوله في حق نفسه .
فرع
، قال مات عن أبوين كافرين ، وابنين مسلمين ، فقال الأبوان : مات كافرا ، وقال الابنان : مات مسلما ابن سريج : فيه قولان ، أشبههما بقول العلماء : أن القول قول الأبوين ؛ لأن الولد محكوم بكفره في الابتداء تبعا لهما ، فيستصحب حتى يعلم خلافه . والثاني : يوقف المال حتى ينكشف الأمر أو يصطلحا ، والتبعية تزول بالبلوغ وحصول الاستقلال . وقيل : القول قول الابنين ؛ لأن ظاهر الدار الإسلام .
قلت : الوقف أرجح دليلا ، ولكن الأصح عند الأصحاب أن القول قول الأبوين ، وأنكروا على صاحب " التنبيه " ترجيحه قول الابنين ، وهو ظاهر الفساد . والله أعلم .
فرع
، فقال الزوج : ماتت أولا ، فورثتها أنا وابني ، ثم مات الابن ، فورثته . وقال الأخ : مات الابن أولا ، فورثت منه أختي ، ثم ماتت ، فأرث منها ، فإن لم يكن بينة ، فالقول قول الأخ في مال أخته ، وقول الزوج في مال ابنه . فإن حلفا أو نكلا فهي من صور استبهام الموت ، فلا يورث ميت من ميت ، بل مال الابن لأبيه ، ومالها للزوج والأخ . وإن أقاما بينتين ، [ ص: 81 ] تعارضتا ، وجرت أقوال التعارض . هذا إذا لم يتفقا على وقت موت أحدهما ، فإن اتفقا على وقت موت أحدهما ، واختلفا في أن الآخر مات قبله أم بعده ، صدق من قال : بعده ؛ لأن الأصل دوام الحياة . وإن أقاما بينتين ، قدمت بينة من قال : قبله ؛ لأن معها زيادة علم . له زوجة وابن ماتا ، فاختلف الزوج وأخو المرأة
فرع
، فهم المصدقون . وإن قالت : لم أزل حرة مسلمة ، فهي المصدقة ؛ لأن الظاهر معها . وفي قول : تصدق في الحرية دون الإسلام . وخرج قول : أن الأولاد يصدقون لأن الأصل عدم وراثتها . مات عن زوجة وأولاد فقالوا لها : كنت أمة ، فعتقت بعد موته ، أو ذمية ، فأسلمت بعد موته ، فقالت : بل عتقت وأسلمت قبله