[ ص: 141 ] فرع
لا من يوم القرعة ، ويسلم له ما كسبه من وقت الإعتاق ولا يحسب من الثلث ، سواء كسبه في حياة المعتق أم بعد موته ، وكل من بقي رقيقا منهم فأكسابه قبل موت المعتق ، تحسب على الوارث في الثلثين ، وأكسابه بعد موته وقبل القرعة لا تحسب عليه ، لحصولها على ملكه . فلو أعتق في مرضه ثلاثة أعبد لا مال له غيرهم ، قيمة كل واحد مائة ، وكسب أحدهم مائة ، وأقرعنا ، فإن خرجت القرعة للكاسب ، عتق وفاز بكسبه ، ورق الآخران ، وإن خرج لأحد الآخرين ، عتق ، ثم تعاد بين الكاسب والآخر ، فإن خرجت للآخر ، عتق ثلثه وبقي ثلثاه مع الكاسب ، وكسبه للورثة ، وإن خرجت للكاسب ، وقع الدور ; لأنه يعتق بعضه ، ويتوزع الكسب على ما عتق وعلى ما رق ، ولا يحسب عليه حصة ما عتق ، وتزيد التركة بحصة ما رق ، وإذا زادت التركة ، زاد ما عتق ، وتزيد حصته ، وإذا زادت حصته ، نقصت حصة التركة . كل عبد من المنجز إعتاقهم عتق بالقرعة يحكم بعتقه من يوم الإعتاق
وطريق استخراجه بيناه في المسائل الدورية من الوصايا والحكم أنه يعتق منه ربعه ، ويتبعه ربع كسبه ، يبقى للورثة ثلاثة أرباعه ، وثلاثة أرباع كسبه مع العبد الآخر ، وجملتها ضعف ما عتق ، ولو كسب أحدهم مائتين ، وخرجت القرعة الثانية لغير الكاسب ، عتق ثلثاه وبقي ثلثه ، والكاسب وكسبه للورثة ، وإن خرجت للكاسب ، [ ص: 142 ] فقد عتق منه شيء ، وتبعه من الكسب شيئان ; لأن كسبه مثلا قيمته ، تبقى للورثة أربعة أعبد إلا ثلاثة أشياء تعدل ضعف ما عتق ، وهو عبدان وشيئان فبعد الجبر أربعة أعبد ، تعدل عبدين وخمسة أشياء ، تسقط عبدين بعبدين ، يبقى عبدان وشيئان في مقابلة خمسة أشياء ، فالشيء خمس العبدين ، وهو خمسا عبد ، وذلك أربعون ، فقد عتق مائة وأربعون ، وبقي للورثة ثلاثة أخماسه ستون ، وثلاثة أخماس كسبه مائة وعشرون والعبد الآخر ، وجملتها مائتان وثمانون ، وقد سبقت نظائر هذا في الوصايا . هذا كله في الأكساب الحاصلة في حياة المعتق ، ولو كسب أحدهم في المثال المذكور مائة بعد موته ، فإن خرجت القرعة للكاسب عتق وتبعه كسبه غير محسوب كما لو كسب في الحياة وإن خرجت لغير الكاسب ، عتق ، ورق الآخران ، ولا تعاد القرعة للكسب ، بل يفوز به الوارث لحصوله في ملكه ، وكسب من أوصي بإعتاقه في حياة الموصي للموصي ، تزيد به التركة والثلث ، وكسبه بعد موته لا تزيد به التركة ولا الثلث بلا خلاف .
وهل هو للورثة أم للعبد ؟ طريقان حكاهما ابن الصباغ أحدهما : قولان كالقولين في أن كسب الموصى به بعد موت الموصي وقبل القبول للورثة أو للموصى له ؟ والمذهب القطع بأنه للورثة . والفرق أنه استحق العتق بموت الموصي استحقاقا مستقرا ، والوصية غير مستقرة ، بل الموصى له بالخيار بين الرد والقبول ، وإذا زادت قيمة من نجز إعتاقه ، كانت الزيادة كالكسب ، فمن خرجت له قرعة العتق ، تبعته الزيادة غير محسوبة عليه ، وكذا لو ، فالولد كالكسب ، [ ص: 143 ] فإذا خرجت القرعة لها ، تبعها الولد غير محسوب من الثلث ، وإن خرجت لغير من زادت قيمته ، أو التي ولدت ، وقع للدور . ولو أعتق ثلاثة أعبد لا مال له غيرهم ، قيمة كل واحد مائة ، فبلغت قيمة أحدهم مائتين ، فهو كما لو كسب أحدهم مائة . كان فيمن أعتقهم جارية ، فولدت قبل موت المعتق
ولو أعتق أمتين ، قيمة كل واحدة مائة ، فولدت إحداهما ولدا قيمته مائة ، فهو كما لو كسب أحدهم مائة ، فإن خرجت القرعة للتي لم تلد ، عتقت ، ورقت الوالدة وولدها ، وهما ضعف ما عتق ، وإن خرجت للوالدة ، عتق منها شيء ، وتبعها من الولد مثله ، يبقى مع الورثة ثلاثمائة إلا شيئين يعدل ضعف ما أعتقنا محسوبا ، وهما شيئان ، فبعد الجبر يعدل ثلاثمائة أربعة أشياء ، فالشيء ثلاثة أرباع مائة ، فعرفنا أنه عتق ثلاثة أرباعها ، وتبعها ثلاثة أرباع الولد ، يبقى للورثة ربعهما والجارية الأخرى ، وجملته مائة وخمسون ، ضعف ما عتق منها . ولو قال لأمته الحامل في مرض موته : أنت حرة ، أو ما في بطنك ، فولدت لدون ستة أشهر من يوم الإعتاق ، ولم يتفق تعيين ، فيقرع ، فإن خرجت للولد ، عتق دون الأم ، وإن لم يف الثلث به ، عتق منه قدر الثلث ، وإن خرجت الأم ، عتقت ، وتبعها الولد إن وفى بهما الثلث ، وإلا ، فيعتق منها شيء ، ويتبعها من الولد شيء .
وطريق استخراجه ما ذكرناه في الوصايا فيمن أعتق عبدا فكسب ، وتقويم الولد بما يكون يوم الولادة ، هذا كله إذا ولدت قبل موت المعتق ، فإن ولدت بعده ، نظر إن ولدت لأكثر من ستة أشهر من يوم الموت ، فالولد ككسب حصل بعد موته ، إن خرجت القرعة للأم ، عتقت ، وتبعها ، وإن خرجت لغير [ ص: 144 ] الوالدة ، عتقت ، ولا تعاد القرعة للولد ; لأنه حدث على ملك الورثة ، وإن ولدت لأقل من ستة أشهر ، فهل تحسب على الوارث حتى تعاد القرعة ؟ قال البغوي : يبنى على أن الحمل هل يعرف ؟ إن قلنا : لا ، فهو كالحادث بعد الموت ، فلا تعاد ، وإن قلنا : نعم ، فكالحادث قبل الموت ، فتعاد ، وأطلق الصيدلاني وجهين في أنها لو ولدت بعد الموت ، هل يحسب الولد على الورثة من الثلثين ؟ ولو نقصت قيمة من نجز ، عتق بعضهم قبل موت المعتق ، فإن كان النقص فيمن خرجت له قرعة العتق ، حسب عليه ; لأنه محكوم بعتقه من يوم الإعتاق ، وإن كان فيمن رق ، لم يحسب على الورثة إذا لم يحصل لهم إلا الناقص . فلو أعتق عبدا لا مال له غيره ، قيمته مائة ، ورجع إلى خمسين ، فقد ذكرنا طريق استخراجه في الوصايا . وحاصله أن يعتق منه الخمس .
ولو أعتق ثلاثة أعبد ، قيمة كل واحد مائة ، فعادت قيمة أحدهم إلى خمسين ، فإن خرجت القرعة للناقص ، عتق وحده ; لأنه كانت قيمته يوم الإعتاق مائة ، فينبغي أن يبقى للورثة ضعفها ، وإن خرجت لأحد الآخرين ، عتق منه خمسة أسداس ، وهي ثلاثة وثمانون وثلث ، يبقى للورثة سدسه والعبد الآخر والناقص .
وجملة ذلك مائة وستة وستون وثلثان ، ضعف ما عتق ; لأن المحسوب على الورثة الباقي بعد النقص ، وهو مائتان وخمسون . ولو أعتق عبدين قيمة كل واحد مائة ، ولا مال له سواهما ، فعادت قيمة أحدهما إلى خمسين ، فإن خرجت القرعة للآخر ، عتق نصفه ، وبقي للورثة نصفه مع العبد الناقص ، وهما ضعف ما عتق ، وإن خرجت للناقص ، وقع الدور ، لأنا نحتاج إلى إعتاق بعضه معتبرا بيوم الإعتاق ، وإلى إبقاء ضعفه للورثة معتبرا بيوم الموت ، وحاصله أنه يعتق ثلاثة أخماسه ، يبقى خمساه مع الآخر للورثة .
وإن حدث [ ص: 145 ] النقص بعد موت المعتق ، وقبل الإقراع ، فهل يحسب على الورثة ؟ قال البغوي : إن كان الوارث مقصور اليد عن التركة ، لم يحسب عليه كما في حال الحياة ، وإلا فوجهان ، أصحهما : يحسب عليه .