[ ص: 262 ] فصل فيما يحل ويحرم من الحلي
وإنما ذكرناها هاهنا ليعلم موضع القطع بوجوب الزكاة ، وموضع القولين . فالمذهب : أصله التحريم في حق الرجال ، وعلى الإباحة للنساء ، ويستثنى من التحريم على الرجال موضعان :
أحدهما : يجوز لمن قطع أنفه اتخاذ أنف من ذهب وإن تمكن من اتخاذه فضة ، وفي معنى الأنف : السن والأنملة ، فيجوز اتخاذهما ذهبا ، وما جاز من الذهب فمن الفضة أولى ، ولا يجوز لمن قطعت يده أو أصبعه أن يتخذهما من ذهب ولا فضة .
قلت : وفيه وجه أنه يجوز ، ذكره القاضي حسين وغيره ، والله أعلم .
الموضع الثاني : فيه وجهان ، وقطع العراقيون بالتحريم . وأما اتخاذ سنأو أسنان من ذهب للخاتم ، فقطع الأكثرون بتحريمه . وقال هل يجوز للرجل تمويه الخاتم والسيف وغيرهما تمويها لا يحصل منه شيء ؟ : لا يبعد تشبيهه بالضبة الصغيرة في الإناء ، وكل حلي حرمناه على الرجال حرمناه على إمام الحرمين ، على المذهب ، وعليه زكاته على المذهب ، وقيل : في وجوبها القولان في الحلي المباح ، وأشار في " التتمة " إلى أن له لبس حلي النساء والرجال ؛ لأنه كان له لبسها في الصغر فتبقى . وأما الفضة : فيجوز للرجال التختم بها ، وهل له الخنثى ، كالدملج ، والسوار ، والطوق ؟ قال الجمهور : يحرم ، وقال صاحب " التتمة " لبس ما سوى الخاتم من حلي الفضة في فتاويه : يجوز ؛ لأنه لم يثبت في الفضة إلا تحريم الأواني ، وتحريم التحلي على وجه يتضمن التشبيه بالنساء . ويجوز للرجل تحلية آلات الحرب بالفضة كالسيف ، والرمح ، وأطراف السهام ، والدرع ، والمنطقة ، والرانين ، والخف وغيرها ؛ لأنه يغيظ الكفار . وفي تحلية السرج واللجام والثفر [ ص: 263 ] وجهان ، أصحهما : التحريم ، ونص عليه والغزالي في رواية الشافعي البويطي والربيع ، وموسى بن أبي جارود ، وأجروا هذا الخلاف في الركاب وبرة الناقة من الفضة . وقطع كثيرون من الأئمة بتحريم ، ولا يجوز تحلية شيء مما ذكرنا بالذهب قطعا . ويحرم على النساء القلادة للدابة جميعا ؛ لأن استعمالهن ذلك تشبها بالرجال وليس لهن التشبه ، كذا قاله الجمهور ، واعترض عليهم صاحب المعتمد بأن آلات الحرب من غير تحلية إما أن يجوز لبسها واستعمالها للنساء ، أو لا . والثاني : باطل ؛ لأن كونه من ملابس الرجال ، إنما يقتضي الكراهة دون التحريم ، ألا ترى أنه قال في الأم : ولا أكره للرجل تحلية آلات الحرب بالفضة والذهب إلا للأدب وأنه من زي النساء ، لا للتحريم ، فلم يحرم زي النساء على الرجال ، وإنما كرهه ، وكذا عكسه ، ولأن المحاربة جائزة للنساء في الجملة ، وفي جوازها جواز لبس آلاتها ، وإذا جاز استعمالها غير محلاة ، جاز مع التحلية ؛ لأن التحلي لهن أجوز منه للرجال ، وهذا هو الحق إن شاء الله تعالى . لبس اللؤلؤ
قلت : الصواب أن حرام ؛ للحديث الصحيح : تشبه النساء بالرجال وعكسه وقد صرح لعن الله المتشبهين بالنساء من الرجال ، والمتشبهات من النساء بالرجال الرافعي بتحريمه بعد هذا بأسطر . وأما نصه في الأم فليس مخالفا لهذا ؛ لأن مراده أنه من جنس زي النساء ، والله أعلم .
ويجوز للنساء ، كالطوق ، والخاتم ، والسوار ، والخلخال ، والتعاويذ . وفي اتخاذهن النعال من الذهب والفضة وجهان ، أصحهما : الجواز كسائر الملبوسات ، والثاني : لا ؛ للإسراف . وأما التاج فقالوا : إن جرت عادة النساء بلبسه جاز ، وإلا فهو لباس عظماء الفرس ، فيحرم . وكأن معنى هذا أنه يختلف بعادة أهل النواحي ، فحيث جرت عادة النساء بلبسه [ ص: 264 ] جاز ، وحيث لم تجر لا يجوز ؛ حذارا من التشبه بالرجال ، وفي الدراهم والدنانير التي تثقب وتجعل في القلادة وجهان ، أصحهما : التحريم . وفي لبس الثياب المنسوجة بالذهب أو الفضة وجهان ، أصحهما : الجواز ، وذكر لبس أنواع الحلي من الذهب والفضة ابن عبدان أنه ليس لهن اتخاذ زر القميص والجبة والفرجية منهما ، ولعله جواب على الوجه الثاني . ثم ، فذلك إذا لم يكن فيه سرف ، فإن كان كخلخال وزنه مائتا دينار ، فوجهان . الصحيح الذي قطع به معظم العراقيين : التحريم ، ومثله إسراف الرجل في آلات الحرب ، ولو اتخذ خواتيم كثيرة ، أو المرأة خلاخل كثيرة ؛ ليلبس الواحد منهما بعد الواحد ، جاز على المذهب ، وقيل : فيه الوجهان . كل حلي أبيح للنساء