فصل
ضربان : حاصل من غير نضوض المال ، وحاصل مع نضوضه . ربح مال التجارة
فالأول : مضموم إلى الأصل في الحول ، كالنتاج . قال : حكى الأئمة القطع بذلك . لكن من يعتبر النصاب في جميع الحول قد لا يسلم وجوب الزكاة في الربح في آخر الحول ، ومقتضاه أن يقول : ظهور الربح في أثنائه كنضوضه ، وسيأتي الخلاف في الضرب الثاني إن شاء الله تعالى . قال الإمام : وهذا لا بد منه ، والمذهب الصحيح : ما سبق . فعلى المذهب : لو إمام الحرمين ، زكى ثلاثمائة في آخر الحول وإن كان ارتفاع القيمة قبل آخر الحول بلحظة . ولو ارتفعت بعد الحول ، فالربح مضموم إلى الأصل في الحول الثاني كالنتاج . اشترى عرضا بمائتي درهم ، فصارت قيمته في أثناء الحول ثلاثمائة
[ ص: 270 ] الضرب الثاني : الحاصل مع النضوض ، فينظر ، إن صار ناضا من غير جنس رأس المال فهو كما لو أبدل عرضا بعرض ؛ لأنه لم يقع به التقويم ، هذا هو المذهب ، وقيل : هو على الخلاف الذي نذكره إن شاء الله تعالى فيما إذا نض من الجنس .
أما إذا صار ناضا من جنسه ، فتارة يكون ذلك في أثناء الحول وتارة بعده ، وعلى التقدير الأول ، قد يمسك الناض إلى أن يتم الحول ، وقد يشتري به سلعة .
الحال الأول : أن يمسك الناض إلى تمام الحول ، فإن - ففيه طريقان . أصحهما وبه قال الأكثرون على قولين أظهرهما : يزكي الأصل بحوله ، ويفرد الربح بحول ، والثاني : يزكي الجميع بحول الأصل . والطريق الثاني : القطع بإفراد الربح . وإذا أفردناه ففي ابتداء حوله وجهان . أصحهما : من حين النضوض ، والثاني : من حين الظهور . اشترى عرضا بمائتي درهم ، فباعه في أثناء الحول بثلاثمائة ، وتم الحول وهي في يده
الحال الثاني : أن يشتري بها عرضا قبل تمام الحول ، فطريقان . أصحهما أنه كما لو أمسك الناض ، والثاني : القطع بأنه يزكي الجميع بحول الأصل .
الحال الثالث : إذا نض بعد تمام الحول ، فإن ظهرت الزيادة قبل تمام الحول ، زكى الجميع بحول الأصل بلا خلاف ، وإن ظهرت بعد تمامه ، فوجهان . أحدهما : هكذا ، وأصحهما : يستأنف للربح حولا . وجميع ما ذكرناه فيما إذا اشترى العرض بنصاب من النقد أو بعرض قيمة نصاب . فأما إذا اشترى بمائة درهم مثلا ، وباعه بعد ستة أشهر بمائتي درهم ، وبقيت عنده إلى تمام الحول من حين الشراء ، فإن قلنا بالأصح : إن النصاب لا يشترط إلا في الحول ، بني على القولين في أن الربح من الناض هل يضم إلى الأصل في الحول ؟ إن قلنا : نعم ، فعليه زكاة المائتين ، وإن قلنا : لا ، لم يزك مائة الربح إلا بعد ستة أشهر أخرى ، وإن قلنا : النصاب يشترط في جميع الحول أو في طرفيه ، فابتداء الحول من حين باع ونض ، فإذا تم زكى المائتين .
[ ص: 271 ] فرع
، فإن قلنا : الربح من الناض لا يفرد بحول ، فعليه زكاة جميع المال ، وإلا فعليه زكاة خمسين دينارا ؛ لأنه اشترى السلعة الثانية بأربعين ، منها عشرون رأس ماله الذي مضى عليه ستة أشهر ، وعشرون ربح استفاده يوم باع الأول . فإذا مضت ستة أشهر ، فقد تم الحول على نصف السلعة ، فيزكيه بزيادته ، وزيادته ثلاثون دينارا ؛ لأنه ربح على العشرينتين ستين ، وكان ذلك كامنا وقت تمام الحول . ثم إذا مضت ستة أشهر أخرى فعليه زكاة العشرين الثانية ، فإن حولها حينئذ تم ، ولا يضم إليها ربحها ؛ لأنه صار ناضا قبل تمام حولها ، فإذا مضت ستة أشهر أخرى ، فعليه زكاة ربحها وهو الثلاثون الباقية ، فإن كانت الخمسون التي أخرج زكاتها في الحول الأول باقية عنده فعليه زكاتها أيضا للحول الثاني مع الثلاثين ، هذا الذي ذكرناه هو قول ملك عشرين دينارا ، فاشترى بها عرضا للتجارة ثم باعه بعد ستة أشهر من ابتداء الحول بأربعين دينارا ، واشترى بها سلعة أخرى ثم باعها بعد تمام الحول بمائة ابن الحداد تفريعا على أن الناض لا يفرد ربحه بحول ، وحكى الشيخ أبو علي وجهين آخرين ضعيفين . أحدهما : يخرج عند البيع الثاني زكاة عشرين . وإذا مضت ستة أشهر ، أخرج زكاة عشرين أخرى ، وهي التي كانت ربحا في الحول الأول . فإذا مضت ستة أشهر ، أخرج زكاة الستين الباقية ؛ لأنها إنما استقرت عند البيع الثاني ، فمنه يبتدئ حولها .
والوجه الثاني أنه عند البيع الثاني يخرج زكاة عشرين ، ثم إذا مضت ستة أشهر زكى الثمانين الباقية ؛ لأن الستين التي هي الربح حصلت في حول العشرين التي هي الربح الأول ، فضمت إليها في الحول . ولو كانت المسألة بحالها ، لكنه لم يبع السلعة الثانية ، فيزكي عند تمام الحول الأول خمسين كما ذكرنا ، وعند تمام الثاني الخمسين الباقية ؛ [ ص: 272 ] لأن الربح الأخير لم يصر ناضا ، ولو اشترى بمائتين عرضا فباعه بعد ستة أشهر بثلاثمائة ، واشترى بها عرضا وباعه بعد تمام الحول بستمائة ، إن لم نفرد الربح بحول أخرج زكاة ست المائة ، وإلا فزكاة أربعمائة ، فإذا مضت ستة أشهر زكى مائة ، فإذا مضت ستة أشهر أخرى ، زكى المائة الباقية ، هذا على قول ابن الحداد . وأما على الوجهين الآخرين فيزكي عند البيع الثاني مائتين ، ثم على الوجه الأول إذا مضت ستة أشهر زكى مائة ، ثم إذا مضت ستة أشهر أخرى زكى ثلاثمائة . وعلى الوجه الثاني : إذا مضت ستة أشهر من البيع الثاني زكى أربع المائة الباقية .