فصل
في السعي
إذا فرغ من ركعتي الطواف ، استحب أن يعود إلى الحجر الأسود ويستلمه ، [ ص: 89 ] ثم يخرج من باب الصفا ، ليسعى بين الصفا والمروة ، فيبدأ بالصفا ، ويرقى على الصفا بقدر قامة رجل حتى يتراءى البيت ، ويقع بصره عليه ، فإذا رقي عليه استقبل البيت ، وهلل وكبر ، وقال : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، والحمد لله على ما أولانا ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون . ثم يدعو بما أحب من أمر الدين والدنيا ، ثم يعيد هذا الذكر والدعاء ثانيا ، ثم يعيد الذكر ثالثا ، ولا يدعو .
قلت : ولنا وجه : أنه يدعو بعد الثالثة ، وبه قطع الروياني ، وصاحب " التنبيه " ، والماوردي وغيرهم ، وهو الصحيح . وقد صح ذلك في صحيح مسلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . - والله أعلم - .
ثم ينزل من الصفا ، ويمشي إلى المروة ويرقى عليها بقدر قامة رجل ، ويأتي بالذكر والدعاء كما فعل على الصفا . ثم المستحب في قطع هذه المسافة ، أن يمشي من الصفا على عادته حتى يبقى بينه وبين الميل الأخضر المعلق بركن المسجد على يساره قدر ست أذرع ، ثم يسعى سعيا شديدا حتى يتوسط بين الميلين الأخضرين .
أحدهما : في ركن المسجد . والآخر : متصل بدار العباس - رضي الله عنه - . ثم يمشي على عادته حتى يصعد المروة . وإذا عاد من المروة إلى الصفا مشى في موضع مشيه ، وسعى في موضع رعيه أولا . ويستحب أن يقول في سعيه : " رب اغفر ، وارحم ، وتجاوز عما تعلم ، إنك أنت الأعز الأكرم " .
[ ص: 90 ] فرع
الصفا والمروة سنة ، والواجب هو السعي بينهما ، ويحصل ذلك بغير رقي بأن يلصق العقب بأصل ما يذهب منه ويلصق رءوس أصابع رجليه بما يذهب إليه من الرقي على الصفا والمروة .
وفيه وجه ضعيف : أنه يجب الرقي عليهما بقدر قامة رجل . وأما الذكر ، والدعاء والإسراع في السعي ، وعدم الإسراع ، فسنة . سنة ، وكذا والموالاة في مرات السعي سنة ، فلو تخلل بينهما فصل طويل ، لم يضر ، بشرط أن لا يتخلل ركن . فلو طاف للقدوم ، ثم وقف بعرفة ، لم يصح سعيه بعد الوقوف ، بل عليه أن يسعى بعد طواف الإفاضة . وذكر في " التتمة " : أنه إذا الموالاة بين الطواف والسعي ، ففي صحة السعي قولان وإن لم يتخلل ركن ، والمذهب ما سبق . طال الفصل بين مرات السعي ، أو بين الطواف والسعي