فصل 
في مسائل منثورة 
إحداها : قال   ابن المرزبان     : من أكل بعض لحم الأضحية ، وتصدق ببعضها ، هل يثاب على الكل ، أو على ما تصدق به ؟ وجهان كالوجهين فيمن نوى صوم التطوع ضحوة ، هل يثاب من أول النهار أم من وقته ؟ وينبغي أن يقال : له ثواب التضحية بالكل ، والتصدق بالبعض . 
قلت : هذا الذي قاله  الرافعي  ، هو الصواب الذي تشهد به الأحاديث والقواعد . وممن جزم به تصريحا الشيخ الصالح  إبراهيم المروروذي     . والله أعلم . 
الثانية : في جواز الصرف من الأضحية إلى المكاتب وجهان : في وجه : يجوز كالزكاة . 
قلت : الأصح : الجواز . والله أعلم . 
الثالثة : قال   ابن كج     : من ذبح شاة ، وقال : أذبح لرضى فلان ، حلت الذبيحة ؛ لأنه لا يتقرب إليه ، بخلاف من تقرب بالذبح إلى الصنم . وذكر   [ ص: 228 ] الروياني     : أن من ذبح للجن وقصد به التقرب إلى الله تعالى ليصرف شرهم عنه ، فهو حلال ، وإن قصد الذبح لهم فحرام . 
الرابعة : قال في " البحر " : قال  أبو إسحاق     : من نذر الأضحية في عام ، فأخر عصى ، ويقضي كمن أخر الصلاة . 
الخامسة : قال  الروياني     : من ضحى بعدد ، فرقه على أيام الذبح ، فإن كان شاتين ، ذبح شاة في اليوم الأول ، والأخرى في آخر الأيام . 
قلت : هذا الذي قاله ، وإن كان أرفق بالمساكين ، إلا أنه خلاف السنة ، فقد نحر النبي صلى الله عليه وسلم في يوم واحد مائة بدنة أهداها ، فالسنة : التعجيل والمسارعة إلى الخيرات ، والمبادرة بالصالحات ، إلا ما ثبت خلافه . والله أعلم . 
السادسة : محل التضحية  ، بلد المضحي ، بخلاف الهدي . وفي نقل الأضحية ، وجهان ، تخريجا من نقل الزكاة . 
السابعة : الأفضل أن يضحي في بيته بمشهد أهله . وفي " الحاوي " : أنه يختار الإمام أن يضحي للمسلمين كافة من بيت المال ببدنة ، ينحرها في المصلى . فإن لم يتيسر ، فشاة ، وأنه يتولى النحر بنفسه ، وإن ضحى من ماله ، ضحى حيث شاء . 
قلت : قال   الشافعي  رحمه الله في "   البويطي     " : الأضحية سنة على كل من وجد السبيل من المسلمين من أهل المدائن والقرى ، والحاضر والمسافر ، والحاج من أهل منى وغيرهم ، من كان معه هدي ، ومن لم يكن . هذا نصه بحروفه . وفيه رد على ما حكاه  العبدري  في كتابه " الكفاية " : أن الأضحية سنة ، إلا في حق الحاج بمنى ، فإنه لا أضحية عليهم ؛ لأن ما ينحر بمنى هدي ، وكما لا يخاطب الحاج في منى بصلاة العيد ، فكذا الأضحية . وهذا الذي قاله فاسد مخالف للنص الذي ذكرته . 
 [ ص: 229 ] وقد صرح  القاضي أبو حامد  في " جامعه " وغيره من أصحابنا : بأن أهل منى كغيرهم في الأضحية ، وثبت في صحيحي   البخاري  ومسلم     : أن النبي صلى الله عليه وسلم " ضحى في منى عن نسائه بالبقر   " . والله أعلم . 
				
						
						
