فصل
في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : " " . فالفرع - بفتح الفاء والراء وبالعين المهملة - أول نتاج البهيمة كانوا يذبحونه ولا يملكونه رجاء البركة في الأم وكثرة نسلها . والعتيرة - بفتح العين المهملة - ذبيحة كانوا يذبحونها في العشر الأول من رجب . ويسمونها : الرجبية أيضا . وذكر لا فرع ولا عتيرة وغيره فيهما وجهين : أحدهما : تكرهان للخبر . والثاني : لا كراهة فيهما ، والمنع راجع إلى ما كانوا يفعلونه ، وهو الذبح لآلهتهم ، أو أن المقصود نفي الوجوب ، أو أنهما ليستا كالأضحية في الاستحباب ، أو في ثواب إراقة الدم . فأما تفرقة اللحم على المساكين ، فبر وصدقة . وحكي أن ابن كج رحمه الله قال : إن تيسر ذلك كل شهر ، كان حسنا . الشافعي
قلت : هذا النص رحمه الله في سنن حرملة ، والحديث المذكور في أول الفصل في " صحيح للشافعي " وغيره ، وفي " سنن البخاري أبي داود " وغيره حديث آخر [ ص: 234 ] يقتضي الترخيص فيهما ، بل ظاهره الندب ، فالوجه الثاني يوافقه ، وهو الراجح . واعلم أن الإمام الرافعي رحمه الله ، ترك مسائل مهمة تتعلق بالباب .
إحداها : يكره ، وهو حلق بعض الرأس ، سواء كان متفرقا أو من موضع واحد ، لحديث " الصحيحين " بالنهي عنه . وقد اختلف في حقيقة القزع ، الصحيح : ما ذكرته . وأما حلق جميع الرأس ، فلا بأس به لمن لا يخف عليه تعاهده ، ولا بأس بتركه لمن خف عليه . القزع
الثانية : يستحب . فرق شعر الرأس
الثالثة : يستحب ، أي : وقتا بعد وقت ، بحيث يجف الأول . الادهان غبا
الرابعة : يستحب وترا . والصحيح في معناه : ثلاثا في كل عين . الاكتحال
والخامسة : ، بحلق ، أو نتف ، أو قص ، أو نورة ، أو غيرها ، والحلق أفضل . ويستحب تقليم الأظفار ، وإزالة شعر العانة بأحد هذه الأمور ، والنتف أفضل لمن قوي عليه . ويستحب إزالة شعر الإبط ، بحيث يبين طرف الشفة بيانا ظاهرا . ويبدأ في هذه كلها ، باليمين ، ولا يؤخرها عن وقت الحاجة ، ويكره كراهة شديدة ، تأخيرها عن أربعين يوما ، للحديث في " صحيح قص الشارب مسلم " بالنهي عن ذلك .
السادسة : من السنة ، وهي عقد الأصابع ومفاصلها ، ويلتحق بها إزالة ما يجتمع من الوسخ في معاطف الأذن وصماخها ، وفي الأنف وسائر البدن . غسل البراجم
السابعة : بحمرة أو صفرة سنة ، وبالسواد حرام . وقيل : مكروه . وأما خضاب اليدين والرجلين ، فمستحب في حق النساء ، كما سبق في باب الإحرام ، وحرام في حق الرجال إلا لعذر . خضاب الشعر الشائب
الثامنة : يستحب ، ترجيل الشعر ، ويكره وتسريح اللحية . نتف الشيب
التاسعة : ذكر وغيره ، الغزالي : خضابها [ ص: 235 ] بالسواد إلا للجهاد ، وتبييضها بالكبريت أو غيره استعجالا للشيخوخة ، ونتفها أول طلوعها إيثارا للمرودة وحسن الصورة ، ونتف الشيب ، وتصفيفها طاقة فوق طاقة تحسنا ، والزيادة فيها ، والنقص منها بالزيادة في شعر العذارين من الصدغين ، أو أخذ بعض العذار في حلق الرأس ، ونتف جانبي العنفقة ، وغير ذلك ، وتركها شعثة إظهارا لقلة المبالاة بنفسه ، والنظر في بياضها وسوادها إعجابا وافتخارا ، ولا بأس بترك سباليه ، وهما طرفا الشارب . في اللحية عشر خصال مكروهة
العاشرة : في " صحيح مسلم " عن النبي صلى الله عليه وسلم : " " ، وإذا سمي إنسان باسم قبيح ، فالسنة تغييره . وينبغي للولد والتلميذ والغلام ، أن لا يسمي أباه ومعلمه وسيده باسمه . ويستحب تكنية أهل الفضل من الرجال والنساء ، سواء كان له ولد ، أم لا ، وسواء كني بولده ، أم بغيره . ولا بأس بكنية الصغير ، وإذا كني من له أولاد ، فالسنة أن يكنى بأكبرهم ، ونص إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل ، عبد الله ، وعبد الرحمن رحمه الله ، أنه لا يجوز التكني بأبي القاسم ، سواء كان اسمه محمدا ، أم غيره ، للحديث الصحيح في ذلك ، وسنوضحه في أول النكاح إن شاء الله تعالى . ولا بأس بمخاطبة الكافر والمبتدع والفاسق بكنيته إذا لم يعرف بغيرها ، أو خيف من ذكره باسمه فتنة ، وإلا فينبغي أن لا يزيد على الاسم . والأدب أن لا يذكر الإنسان كنيته في كتابه ولا غيره ، إلا أن لا يعرف بغيرها أو كانت أشهر من اسمه . ولا بأس بترخيم الاسم إذا لم يتأذ صاحبه ، ولا بتلقيب الإنسان بلقب لا يكره . واتفقوا على تحريم تلقيبه بما يكرهه ، سواء كان صفة له ، كالأعمش والأعرج ، أو لأبيه ، أو لأمه ، أو غير ذلك . ويجوز ذكره بذلك للتعريف ، لمن لا يعرفه بغيره ، ناويا التعريف فقط . الشافعي
وثبت في " صحيح مسلم " وغيره : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " ، وفي رواية : " إذا كان جنح الليل أو أمسيتم ، فكفوا صبيانكم ، فإن الشيطان ينتشر حينئذ ، فإذا ذهب ساعة من الليل ، فخلوهم ، وأغلقوا الباب ، واذكروا اسم الله ، فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا ، وأوكوا قربكم واذكروا [ ص: 236 ] اسم الله ، وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله ، ولو أن تعرضوا عليها شيئا ، وأطفئوا مصابيحكم " ، وفي رواية : " لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس ، حتى تذهب فحمة العشاء " . لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون
فهذه سنن ينبغي المحافظة عليها ، وجنح الليل بضم الجيم وكسرها : ظلامه . وقوله صلى الله عليه وسلم : " " - بضم الراء - على المشهور . وقيل : بكسرها ، أي : تجعلوه عرضا . وقوله صلى الله عليه وسلم : " تعرضوا عليها شيئا " هي - بالفاء جمع فاشية - وهو كل ما ينشر من المال كالبهائم وغيرها ، وفحمة العشاء : ظلمتها . والله أعلم . لا ترسلوا فواشيكم