الركن الثاني : . الذبيح
الحيوان ثلاثة أقسام .
الأول : ما لا يؤكل . والثاني : مأكول يحل ميته . والثالث : مأكول لا يحل ميته . فالأول : ذبحه كموته . والثاني : كالسمك والجراد ، ولا حاجة إلى ذبحه . وهل يحل أكل السمك الصغار إذا شويت ولم يشق جوفها ويخرج ما فيه ؟ فيه وجهان . وجه الجواز : عسر تتبعها ، وعلى المسامحة بها جرى الأولون . قال الروياني : بهذا أفتي ، ورجيعها طاهر عندي ، وهو اختيار القفال . ولو وجدت سمكة في جوف سمكة ، فهي حلال ، كما لو ماتت حتف أنفها ، بخلاف ما لو ابتلعت طائرا فوجد ميتا في جوفها ، لا يحل . ولو تقطعت السمكة في جوف سمكة ، وتغير لونها ، لم تحل على الأصح ، لأنها كالروث والقيء . ويكره ، إلا أن يكون كبيرا يطول بقاؤه ، فيستحب ذبحه على الأصح ، إراحة له . وقيل : يستحب تركه ليموت بنفسه . ولو ابتلع سمكة حية ، أو قطع فلقة منها ، لم يحرم على الأصح ، لكن يكره . ذبح السمك
قلت : وطردوا الوجهين في الجراد . ولو ذبح مجوسي سمكة ، حلت . ولو [ ص: 240 ] قلى السمك قبل موته ، فطرحه في الزيت المغلي وهو يضطرب ، قال : لا يحل فعله ؛ لأنه تعذيب . وهذا تفريع على اختياره في ابتلاع السمكة حية : أنه حرام . وعلى إباحة ذلك ، يباح هذا . والله أعلم . الشيخ أبو حامد
أما القسم الثالث : فضربان ، مقدور على ذبحه ، ومتوحش . فالمقدور عليه : لا يحل إلا بالذبح في الحلق واللبة ، كما سبق في كتاب الأضحية ، وسواء الإنسي والوحشي إذا ظفر به . وأما المتوحش ، كالصيد ، فجميع أجزائه مذبح ما دام متوحشا . فلو رماه بسهم ، أو أرسل عليه جارحة ، فأصاب شيئا من بدنه ومات ، حل بالإجماع . ولو توحش إنسي ، بأن ند بعير ، أو شردت شاة ، فهو كالصيد ، يحل بالرمي إلى غير مذبحه ، وبإرسال الكلب عليه . ولو تردى بعير في بئر ، ولم يمكن قطع حلقومه ، فهو كالبعير الناد في حله بالرمي . وهل يحل بإرسال الكلب ؟ وجهان . أصحهما عند صاحب " البحر " : التحريم ، واختار البصريون الحل .
قلت : الأصح : تحريمه . وصححه أيضا الشاشي . والله أعلم .
وليس المراد بالتوحش مجرد الإفلات ، بل متى تيسر اللحوق بعدو ، أو استعانة بمن مسك الدابة ، فليس ذلك توحشا ، ولا يحل إلا بالذبح في المذبح . ولو تحقق الشرود ، وحصل العجز في الحال ، فقد أطلق الأصحاب : أن البعير كالصيد ؛ لأنه قد يريد الذبح في الحال ، فتكليفه الصبر إلى القدرة ، يشق عليه . قال الإمام : والظاهر عندي : أنه لا يلحق بالصيد بذلك ، لأنها حالة عارضة قريبة الزوال ، لكن لو كان الصبر والطلب يؤدي إلى مهلكة أو مسبعة ، فهو حينئذ كالصيد . وإن كان يؤدي إلى موضع لصوص وغصاب مترصدين ، فوجهان . والفرق أن تصرفهم وإتلافهم متدارك بالضمان . والمذهب : ما قدمناه عن الأصحاب . ثم في كيفية الجرح المفيد للحل في الناد والمتردي ، وجهان . أصحهما وبه أجاب الأكثرون : [ ص: 241 ] يكفي جرح يفضي إلى الزهوق كيف كان . والثاني : لا بد من جرح مذفف ، واختاره القفال ، والإمام .