فصل
من ، لزمه إتمامه على الصحيح ، ويجري الخلاف فيمن نذر أن يتم صوم كل يوم نوى فيه صوم النفل . وإذا أصبح ممسكا ولم ينو ، فهو متمكن من صوم التطوع . فلو نذر أن يصوم ، فقد أطلقوا في لزوم الوفاء قولين بناء على أن النذر ينزل على واجب الشرع ، أم على ما يصح ؟ قال الإمام : والذي أراه اللزوم ، قال : وقال الأصحاب : لو قال : علي أن أصلي ركعة واحدة ، لم يلزمه إلا ركعة . ولو قال : علي أن [ ص: 313 ] أصلي كذا قاعدا ، لزمه القيام عند القدرة إذا حملنا المنذور على واجب الشرع ، وإنهم تكلفوا فرقا بينهما ، قال : ولا فرق ، فيجب تنزيلهما على الخلاف . شرع في صوم تطوع فنذر إتمامه
فرع :
لو ، لم ينعقد نذره على الأصح . وعلى الثاني ، ينعقد وعليه صوم يوم كامل . وذكر في التتمة تفريعا على الانعقاد : أنه لو أمسك بقية نهاره عن النذر ، أجزأه إن لم يكن أكل شيئا في أوله . فإن أكل ، لا يجزئه على الصحيح . وقد سبق في كتاب الصوم وجه : أنه إذا نوى التطوع بعد الأكل ، أجزأه . فعلى ذلك الوجه : يجزئه هذا عن نذره . ولو نذر أن يصلي بعض ركعة ، ففي انعقاده وجهان كالصوم . ووجه الانعقاد : أنه قد يؤمر بفعل ما دون ركعة ، ويثاب عليه ، وهو ما إذا أدرك الإمام بعد الركوع ، حتى يدرك به فضيلة الجماعة في الركعة الأخيرة . قال في التتمة : فعلى هذا ، يلزمه ركعة كاملة إن أراد أن يأتي بالمنذور منفردا . وإن اقتدى بإمام بعد الركوع في الركعة الأخيرة ، خرج عن نذره ؛ لأنه أتى بما التزمه وهو قربة في نفسه . وقطع غيره ، بأنه يلزمه ركعة مطلقا . ولو نذر ركوعا ، لزمه ركعة باتفاق المفرعين . ولو نذر تشهدا ، ففي التتمة : أنه يأتي بركعة يتشهد في آخرها ، أو يقتدي بمن قعد للتشهد في آخر صلاته ، أو يكبر ويسجد سجدة ، ويتشهد على طريقة من يقول : سجود التلاوة يقتضي التشهد ، فيخرج به عن نذره . ولو نذر سجدة فردة ، فطريقان . في التتمة : أن السجدة قربة ، بدليل سجدتي التلاوة والشكر . فيكون في انعقاد نذره ، الوجهان في نذر عيادة المريض ، وتشميت العاطس . فإن قلنا : لا ينعقد ، فالحكم كما في الركوع ، والطريق الثاني : لا ينعقد نذر [ ص: 314 ] السجدة قطعا ، وهو الأصح ، وبه قطع الشيخ نذر صوم بعض يوم أبو محمد بناء على الأصح ، أنها ليست قربة بلا سبب .
فرع :
لو ، فالمذهب : أنه لا ينعقد نذره ، ولا شيء عليه . وقيل : في لزوم كفارة بذلك خلاف سبق نظائره . وقيل : ينعقد نذره ، ويقضي في سنة أخرى . نذر أن يحج هذه السنة . وهو على مائة فرسخ ، ولم يبق إلا يوم واحد
فرع :
لو ، ففي انعقاد نذره قولان أظهرهما عند الأكثرين : انعقاده . فعلى هذا ، إن قدم ليلا ، فلا صوم على الناذر ، إذ لم يوجد يوم قدومه . ولو عنى باليوم الوقت ، فالليل غير قابل للصوم ، ويستحب أن يصوم الغد ، أو يوما آخر . وإن قدم نهارا ، فللناذر أحوال . نذر أن يصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان
أحدها : أن يكون مفطرا ، فيلزمه أن يصوم عن نذره يوما . وهل نقول : لزمه بالنذر الصوم من أول اليوم ، أم من وقت القدوم ؟ وجهان . ويقال : قولان . أصحهما : الأول ، وبه قال ابن الحداد . وتظهر فائدة الخلاف في صور .
منها : لو . إن قلنا بالأول ، اعتكف باقي اليوم وقضى ما مضى . قال نذر اعتكاف اليوم الذي يقدم فيه فلان ، فقدم نصف النهار الصيدلاني : وله أن يعتكف يوما مكانه . والظاهر : أنه يتعين . وإن قلنا بالثاني ، اعتكف باقي اليوم ، وليس عليه شيء آخر .
[ ص: 315 ] ومنها : إذا قال لعبده : أنت حر اليوم الذي يقدم فيه فلان ، فباعه ضحوة ، ثم قدم فلان في بقية يومه ، فإن قلنا بالأول ، بان بطلان البيع وحرية العبد ، وبه قال ابن الحداد ، وإن قلنا بالثاني ، فالبيع صحيح ، ولا حرية . هذا إذا كان قدوم فلان بعد تفرقهما عن المجلس ولزوم العقد . أما لو قدم قبل انقضاء الخيار ، فيحصل العتق على الوجهين ؛ لأنه إذا وجدت الصفة المعلق عليها ، والخيار ثابت ، حصل العتق . ولو مات السيد ضحوة ، ثم قدم فلان ، لم يورث عنه على الوجه الأول ، ويورث على الثاني . ولو أعتقه عن كفارته ، ثم قدم ، لم يجزئه على الأول ، ويجزئه على الثاني .
ومنها : لو قال لزوجته : أنت طالق يوم يقدم فلان ، فماتت ، أو مات الزوج في بعض الأيام ، ثم قدم فلان في بقية ذلك اليوم ، فإن قلنا بالأول ، بان أن الموت بعد الطلاق ، فلا توارث بينهما إن كان الطلاق بائنا ، وإن قلنا بالثاني ، لم يقع الطلاق . ولو خالعها في صدر النهار ، ثم قدم فلان في آخره ، فعلى الأول يتبين بطلان الخلع إن كان الطلاق بائنا ، وعلى الثاني ، يصح الخلع ، ولا يقع الطلاق المعلق .
الحال الثاني : أن يقدم فلان والناذر صائم عن واجب من قضاء أو نذر ، فيتم ما هو فيه ، ويصوم لهذا النذر يوما آخر . واستحب - رحمه الله - أن يعيد الصوم الواجب الذي هو فيه ؛ لأنه بان أنه صام يوما مستحق الصوم ، لكونه يوم قدوم فلان . قال في " التهذيب " : في هذا دليل على أنه إذا نذر صوم يوم بعينه ، ثم صامه عن نذر آخر أو قضاء ، ينعقد ، ويقضي نذر هذا اليوم . الشافعي
الحال الثالث : أنه يقدم وهو صائم تطوعا ، أو غير صائم ، لكنه ممسك ، قال في " التهذيب " : ويكون ذلك قبل الزوال ، فيبنى على أنه يلزمه الصوم من أول النهار ، أم من وقت القدوم ؟ إن قلنا بالأول ، لزمه صوم يوم آخر ، ويستحب أن يمسك بقية النهار ، وإن قلنا بالثاني ، ففي التتمة : أنه يبنى على [ ص: 316 ] جواز نذر صوم بعض يوم . إن جوزناه ، نوى إذا قدم ، وكفاه ذلك ، ويستحب أن يعيد يوما كاملا للخروج من الخلاف . وإن لم نجوزه ، فلا شيء عليه ، ويستحب أن يقضي . وقال في " التهذيب " : إن قلنا : يلزم الصوم من وقت القدوم ، فهنا وجهان . أصحهما : يلزمه صوم يوم آخر . والثاني : يلزمه إتمام ما هو فيه ، ويكون أوله تطوعا ، وآخره فرضا . كمن دخل في صوم تطوع ، ثم نذر إتمامه ، يلزمه الإتمام . هذا إذا كان صائما عن تطوع ، وإن لم يكن صائما ، نوى ، ويصوم بقية النهار إن كان قبل الزوال . أما إذا تبين للناذر أن فلانا يقدم غدا ، فنوى الصوم من الليل ، ففي إجزائه عن نذره وجهان . أصحهما : يجزئه ، وبه قطع الأكثرون ؛ لأنه بنى النية على أصل مظنون . وخص صاحب التتمة الوجهين بما إذا قلنا : يلزم الصوم من أول اليوم ، قال : فإن قلنا باللزوم من وقت القدوم ، لم يجزه .
الحال الرابع : أن يقدم فلان يوم العيد ، أو في رمضان ، فهو كما لو قدم ليلا .