الشرط الرابع : ، ولا بد منها . وفواتها قد يكون حسا ، وقد يكون شرعا . وفيه مسائل . القدرة على تسليم المبيع
[ ص: 358 ] إحداها : باطل ، عرف موضعه ، أم لا ؛ لأنه غير مقدور على تسليمه في الحال . هذا هو المذهب المعروف . قال الأصحاب : لا يشترط في الحكم بالبطلان ، اليأس من التسليم ، بل يكفي ظهور التعذر . وأحسن بعض الأصحاب ، فقال : إذا عرف موضعه وعلم أنه يصله إذا رام وصوله ، فليس له حكم الآبق . بيع الآبق والضال
الثانية : إذا ، نظر ، إن قدر البائع على استرداده وتسلمه ، صح البيع ، كما يصح بيع الوديعة . وإن عجز ، نظر ، إن باعه لمن لا يقدر على انتزاعه من الغاصب ، لم يصح . وإن باعه من قادر على انتزاعه ، صح على الأصح . ثم إن علم المشتري بالحال ، فلا خيار له . لكن لو عجز عن انتزاعه لضعف عرض له أو قوة عرضت للغاصب ، فله الخيار على الصحيح . وإن كان جاهلا حال العقد ، فله الخيار . ولو باع المالك ماله المغصوب ، ففيه الوجهان في المغصوب . ويجوز باع الآبق ممن يسهل عليه رده . قال في " البيان " : لا يجوز تزويج الآبقة والمغصوبة ، وإعتاقهما ؛ لأنها تقتضي التمكين من التصرف . كتابة المغصوب
الثالثة : لا يجوز ، لما فيه من الغرر . ولو بيع السمك في الماء ، والطير في الهواء ، وإن كان مملوكا له ، فإن كانت صغيرة يمكن أخذه بغير تعب ومشقة ، صح . وإن كانت كبيرة لا يمكن أخذه إلا بتعب شديد ، لم يصح على الأصح . وحيث صححنا ، فهو إذا لم يمنع الماء رؤيته ، فإن منعها ، فعلى قولي بيع الغائب إن عرف قدره وصفته ، وإلا ، فلا يصح قطعا . باع السمك في بركة لا يمكنه الخروج منها على تفصيل بيع السمك في البركة . ولو باعها وهي طائرة اعتمادا على عادة عودها ليلا ، فوجهان كما سبق في النحل . أصحهما عند الإمام : الصحة ، كالعبد المبعوث في شغل . وأصحهما عند الجمهور : المنع ، إذ لا وثوق بعودها ، لعدم عقلها . وبيع الحمام في البرج
قلت : ولو ، وكان ينماع إلى أن يوزن ، لم يصح على [ ص: 359 ] الأصح ، وسيأتي هذا إن شاء الله تعالى في المسائل المنثورة في آخر كتاب الإجارة . والله أعلم . باع ثلجا أو جمدا وزنا
الرابعة : لو ، صح وصار مشتركا . ولو عين بعضه وباعه ، لم يصح ؛ لأن تسليمه لا يحصل إلا بقطعه ، وفيه نقص وتضييع للمال . ولو باع جزءا شائعا من سيف أو إناء ونحوهما ، فإن لم يعين الذراع ، فسنذكره إن شاء الله تعالى . وإن عينه ، فإن كان الثوب نفيسا تنقص قيمته بالقطع ، لم يصح البيع على الأصح المنصوص . والثاني : يصح كذراع من الأرض ، وكما يصح باع ذراعا فصاعدا من ثوب وإن نقصت قيمتهما بتفريقهما ، والقياس طرد الوجهين في مسألة السيف والإناء . وإن لم تنقص قيمته بالقطع كغليظ الكرباس ، صح على المذهب وبه قطع الجمهور . وحكى الإمام وشيخه فيه وجهين . ولو بيع أحد زوجي الخف ، فإن كان فوقه شيء لم يصح لأنه لا يمكن تسليمه إلا بهدم ما فوقه ، وإلا فإن كان قطعة واحدة من طين أو خشب أو غيرهما ; لم يجز . وإن كان من لبن أو آجر ; جاز . هكذا أطلقه في " التلخيص " ، وهو محمول عند الأئمة على ما لو جعلت النهاية صفا من الآجر أو اللبن دون أن يجعل المقطع نصف سمكها . وفي تجويز البيع إذا كان من لبن أو آجر إشكال ، وإن جعل النهاية ما ذكروه ; لأن موضع الشق قطعة واحدة ، ولأن رفع بعض الجدار ينقص قيمة الباقي ، فيفسد البيع . ولهذا قالوا : لو باع جزءا معينا من جدار أو أسطوانة ; لم يصح ; لأن الهدم يوجب النقص . ولا فرق بين الجذع والآجر ، وكذا لو باع جذعا في بناء . ثم ذكر بعض الشارحين لـ " المفتاح " : أنه لو باع فصا في خاتم لا يلي شارعا ولا ملكا له على أنه لا ممر له في المبيع ، لا يصح البيع . باع دارا إلا بيتا في صدرها
الخامسة : لا يصح . بيع المرهون بعد الإقباض قبل الفكاك
السادسة : . وإن أوجبته متعلقا برقبته ، فإن باعه بعد اختيار الفداء ، صح ، كذا أطلقه في [ ص: 360 ] " التهذيب " . وإن باعه قبله وهو معسر ، فلا ، ومنهم من طرد الخلاف الآتي في الموسر ، وحكم بالخيار للمجني عليه إن صححنا . وإن كان موسرا ، فالأظهر : أنه لا يصح . وقيل : لا يصح قطعا . وقيل : موقوف . فإن فداه ، نفذ ، وإلا ، فلا . فإن لم نصحح البيع ، فالسيد على خيرته ، إن شاء فداه ، وإلا ، فيسلمه ليباع في الجناية . وإن صححناه ، فالسيد ملتزم للفداء ببيعه مع العلم بجنايته ، فيجبر على تسليم الفداء ، كما لو أعتقه أو قتله . وقيل : هو على خيرته ، إن فدى ، أمضى البيع ، وإلا ، فسخ . والصحيح : أنه ملتزم للفداء . فإن تعذر تحصيل الفداء أو تأخر لإفلاسه أو غيبته أو صبره على الحبس ، فسخ البيع ، وبيع في الجناية ؛ لأن حق المجني عليه سبق حق المشتري . هذا كله إذا أوجبت الجناية المال ، لكونها خطأ ، أو شبه عمد ، أو عفا مستحق القصاص على مال ، أو أتلف العبد مالا . أما إذا أوجبت قصاصا ولا عفو ، فالمذهب صحة البيع كبيع المريض المشرف على الموت . وقيل : فيه القولان . وإذا اختصرت ، قلت : المذهب : أنه لا يصح بيعه إن تعلق برقبته مال ، ويصح إن تعلق به قصاص . ولو أعتق الجاني ، فإن كان السيد معسرا ، لم ينفذ على الأظهر . وقيل : لا ينفذ قطعا . وإن كان موسرا ، نفذ على أظهر الأقوال . والثالث : موقوف . إن فداه ، نفذ ، وإلا ، فلا . واستيلاد الجانية ، كإعتاقها . ومتى فدى السيد الجاني ، فالأظهر : أنه يفديه بأقل الأمرين من الأرش وقيمة العبد . والثاني : يتعين الأرش وإن كثر . جناية العبد ، إن أوجبت مالا متعلقا بذمته ، لم يمنع بيعه بحال
قلت : ولو ولدت الجارية ، لم يتعلق الأرش بالولد قطعا ، ذكره القاضي أبو الطيب في " نماء الرهن " . والله أعلم .