فصل
، كما سبق في البيع ، ويطرد الخلاف في كون التخلية في المنقول قبضا ، وعن القاضي : القطع بأنها لا تكفي هنا ; لأن القبض مستحق هناك . صفة القبض هنا في العقار والمنقول
[ ص: 66 ] فرع
، فظاهر نصه : أنه لا بد من إذن جديد في القبض ، ولو وهبه له ، فظاهر نصه : حصول القبض بلا إذن في القبض ، وللأصحاب طرق . أصحها : فيهما قولان ، أظهرهما : اشتراط الإذن فيهما . والطريق الثاني : تقرير النصين ؛ لأن الرهن توثيق ، وهو حاصل بغير القبض ، والهبة تمليك ، ومقصوده الانتفاع ، ولا يتم ذلك إلا بالقبض ، فكانت الهبة لمن في يده رضا بالقبض . والثالث باعتبار الإذن فيهما ، قاله أودع عند رجل مالا ، ثم رهنه عنده . وسواء شرط الإذن الجديد ، أم لا ، فلا يلزم العقد ما لم يمض زمان يتأتى فيه صورة القبض . لكن إذا شرط الإذن ، فهذا الزمان يعتبر من وقت الإذن . وإن لم يشترطه ، فمن وقت العقد . وقال ابن خيران حرملة : لا حاجة إلى مضي هذا الزمان ، ويلزم العقد بنفسه ، والصحيح الأول .
قلت : قوله : قال حرملة معناه : قال حرملة مذهبا لنفسه ، لا نقلا عن رضي الله عنه ، كذا صرح به الشافعي وآخرون . وإنما نبهت على هذا ، لئلا يغتر بعبارة صاحب " المهذب " فإنها صريحة ، أو كالصريحة ، في أن الشيخ أبو حامد حرملة نقله عن رضي الله عنه ، فحصل أن المسألة ذات وجهين ، لا قولين . والله أعلم . الشافعي
فعلى الصحيح ، إن كان المرهون منقولا غائبا ، اعتبر زمان يمكن المصير فيه إليه ونقله . وهل يشترط مع ذلك نفس المصير ومشاهدته ؟ فيه أوجه . أصحهما : لا . والثاني : نعم . والثالث : إن كان مما يشك في بقائه ، كالحيوان ، فإنه معرض للآفات ، اشترط . وإن تيقن بقاؤه ، فلا ، فإن شرطنا الحضور والمشاهدة ، فالمذهب [ ص: 67 ] أنه لا يشترط مع ذلك نقله ، فإن شرطنا النقل ، أو المشاهدة ، فهل يصح التوكيل فيه ؟ فيه وجهان . أصحهما : الصحة ، كابتداء القبض . والثاني : لا ؛ لأن ابتداء القبض له ، فليتمه .
فرع
لو ، نظر ، إن أذن له في القبض بعد العقد ، فله أخذه حيث وجده ، وإلا لم يأخذه حتى يقبضه الراهن ، سواء شرطنا الإذن الجديد ، أم لا ، كذا قاله ذهب ليقبضه ، فوجده قد ذهب من يده ابن عبدان ، وكأنه صوره فيما إذا علم خروجه من يده قبل العقد . أما إذا خرج بعده ولم يشترط الإذن الجديد ، فقد جعلنا الرهن ممن هو في يده إذنا في القبض ، فليكن كما لو استأنف إذنا .
فرع
إذا ، ففي اشتراط مضي زمان يمكن فيه القبض ، وجهان . فإن شرطناه ، فهو كرهن الوديعة عند المودع ، فيعود الخلاف المذكور . وقصد الأب قبضا وإقباضا ، كالإذن الجديد هناك . رهن الأب مال الطفل عند نفسه ، أو ماله عند الطفل
فرع
إذا باع المالك الوديعة ، أو العارية ممن في يده ، فهل يعتبر زمان إمكان القبض لجواز التصرف وانتقال الضمان ؟ وجهان . أصحهما : نعم . ثم اشتراط المشاهدة [ ص: 68 ] والنقل ، كما سبق في الرهن والهبة ، فعلى هذا ، هل يحتاج إلى إذن في القبض ؟ نظر ، إن كان الثمن حالا ولم يوفه لم يحصل على القبض إلا بإذن البائع ، فإن وفاه أو كان مؤجلا ، فالمذهب : أنه لا يحتاج إليه ، وبهذا قطع الجمهور . وقيل : هو كالرهن ، والفرق على المذهب : أن القبض مستحق في البيع ، فكفى دوامه .
فرع
إذا ، صح . رهن المالك ماله عند الغاصب ، أو المستعير ، أو المستام ، أو الوكيل
والقول في افتقار لزومه إلى مضي زمان يتأتى فيه القبض ، وإلى إذن جديد في القبض ، على ما ذكرناه في رهن الوديعة عند المودع . وقيل : لا بد في الغصب من إذن قطعا ، لعدم الإذن في أول اليد . وإذا رهن عند الغاصب ، لا يبرأ من الضمان ، فإن أراد البراءة ، رده إلى الراهن ، ثم له الاسترداد بحكم الارتهان . فإن امتنع الراهن من قبضه ، فله إجباره . ولو أراد الراهن إجبار المرتهن على رده إليه ، ثم يرده هو عليه لم يكن له ذلك على الأصح ، وبه قال القاضي ، إذ لا غرض له في براءة ذمة المرتهن . وإن أودعه عند الغاصب ، برئ على الأصح ؛ لأن مقصود الإيداع ، الائتمان ، والضمان والأمانة لا يجتمعان ، فإنه لو تعدى في الوديعة لم يبق أمينا ، بخلاف الرهن ، فإنه يجتمع هو والضمان ، فإنه لو تعدى في الرهن ، صار ضامنا وبقي الرهن . والإجارة ، والتوكيل ، والقراض على المال المغصوب ، وتزويجه للجارية التي غصبها لا يفيد البراءة على المذهب . ولو صرح بإبراء الغاصب من ضمان الغصب ، والمال باق في يده ، ففي براءته ومصير يده يد أمانة ، وجهان أصحهما لا يبرأ .
قلت : قطع صاحب " الحاوي " بأنه يبرأ ، وصححه البغوي ، قال صاحبا الشامل والمهذب : هو ظاهر النص . والله أعلم .
[ ص: 69 ] فرع
لو لم يبرأ على الأصح . رهن العارية عند المستعير ، أو المقبوض بالسوم ، أو بشراء فاسد عند قابضه
قلت : قال صاحب " الشامل " : إذا رهن العارية عند المستعير لم يزل ضمانها ، وكان له الانتفاع بها . فإن منعه الانتفاع ، ففي زوال الضمان وجهان . وقال في الحاوي : في بطلان العارية وجهان . أحدهما : لا تبطل ، وله الانتفاع . فعلى هذا ، يبقى الضمان . والثاني : تبطل العارية ، وليس له الانتفاع ، ويسقط الضمان . والله أعلم .