فرع
[ ص: 138 ] مسموعة ، وإن تعلقت بالنفي للحاجة ، كشهادة أن لا وارث غيره ، وتسمع وإن أقامها في الحال . ويشترط في الشهود مع شروط الشهود ، الخبرة الباطنة كطول الجوار أو المخالطة . فإن عرف القاضي أنهم بهذه الصفة ، فذاك ، وإلا ، فله اعتماد قولهم : إنا بهذه الصفة ، قاله في النهاية . ويكفي شاهدان كسائر الحقوق . وقال البينة على الإعسار الفوراني : يشترط ثلاثة ، وهذا شاذ . وفيه حديث في صحيح مسلم وحمله الجمهور على الاستظهار والاحتياط . وأما صيغة شهادتهم ، فأن يقولوا : هو معسر لا يملك إلا قوت يومه وثياب بدنه .
ولو أضافوا إليه : وهو ممن تحل له الصدقة ، جاز ولا يشترط . قال في " التتمة " : ولا يقتصرون على أنه لا ملك له ، حتى لا تتمحض شهادتهم نفيا ، لفظا ومعنى ، ويحلف المشهود له مع البينة ، لجواز أن يكون له مال في الباطن . وهل هذا التحليف واجب ، أم مستحب ؟ قولان . ويقال : وجهان . أظهرهما : الوجوب ، وعلى التقديرين ، هل يتوقف على استدعاء الخصم ؟ وجهان . أحدهما : لا ، كما لو ادعي على ميت أو غائب . فعلى هذا هو من آداب القضاء . وأصحهما : نعم . كيمين المدعى عليه . قال الإمام : الخلاف فيما إذا سكت ، فأما إذا قال : لست أطلب يمينه ، ورضيت بإطلاقه ، فلا يحلف بلا خلاف .
فرع
حيث قبلنا قوله مع يمينه ، فيقبل في الحال كالبينة . قال الإمام : ويحتمل أن يتأنى القاضي ويسأل عن باطن حاله ، بخلاف البينة . وحيث قلنا : لا يقبل قوله إلا ببينة ، فادعى أن الغرماء يعرفون إعساره ، فله تحليفهم على نفي العلم ، فإن نكلوا ، حلف وثبت إعساره . وإن حلفوا ، حبس . ومهما ادعى ثانيا وثالثا أنه بان لهم [ ص: 139 ] إعساره ، فإن له تحليفهم ، قال في " التتمة " : إلا أن يظهر للقاضي أنه يقصد الإيذاء واللجاج .
فرع
إذا حبسه ، لا يغفل عنه بالكلية . فلو كان غريبا لا يتأتى له إقامة البينة ، فينبغي أن يوكل به القاضي من يبحث عن وطنه ومنقلبه ، ويتفحص عن أحواله بحسب الطاقة ، فإذا غلب على ظنه إعساره ، شهد به عند القاضي لئلا يتخلد في الحبس ، ومتى ثبت الإعسار ، وخلاه الحاكم ، فعاد الغرماء ، فالقول قوله ، وعليهم البينة . فإن أتوا بشاهدين فقالا : رأينا في يده مالا يتصرف فيه ، أخذه الغرماء . فإن قال : أخذته من فلان وديعة أو قراضا ، وصدقه المقر له ، فهو له ولا حق فيه للغرماء . وهل لهم تحليفه : أنه لم يواطئ المقر له ، وأقر عن تحقيق ؟ وجهان . أصحهما : لا ; لأنه لو رجع عن إقراره لم يقبل . وإن كذبه المقر له ، صرف إلى الغرماء ، ولا يلتفت إلى إقراره الآخر . وإن كان المقر له غائبا ، توقف حتى يحضر ، فإن صدقه ، أخذه ، وإلا ، فيأخذه الغرماء . وادعوا بعد أيام أنه استفاد مالا ، وأنكر